للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خامسا: أما قول إقبال: "ليس المقصود به الإشارة إلى شخص معين خلق أبا للبشر وأسكن في جنات النعيم .... " فاضطر إقبال بهذا الإنكار إلى إنكار الجنة وإلى إنكار هبوط آدم من الجنة إلى الأرض وإلى تأويل كثير من الآيات الدالة على هذه المعاني حتى وصل بالدعوى بأن الإنسان هو سبب وعلة ويمكن له الخلق وإلى غير ذلك من الانحرافات، وهكذا خطأ واحد إذا كان جسيما يجر الإنسان إلى أخطاء كثيرة نسأل الله السلامة.

[ثانيا: أقوالهم في ولادة عيسى عليه السلام]

قال سيد أحمد خان: "يظن النصارى والمسلمون جميعا أن عيسى عليه السلام وُلد بدون أب بأمر من الله، خلاف ما يولد كل إنسان بأب وأم، ولو افترضنا أن هذا الظن صحيح، فما الحكمة الإلهية من خلق عيسى بدون أب، هذا وما يشبهه من الأحداث التي تفترض أنها وقعت خلاف العادة، وخرقت قانون الفطرة يُستهدف من ورائها في الغالب بيان قدرة الله الكاملة أو إشعار بأنها وقعت معجزة.

فإن كان المقصود منها إظهار قدرة الله الكاملة فقد خلق الله أنواعا من الحيوانات بدون توالد وتناسل بل خلق الإنسان نفسه وجميع الحيوانات في البداية بدون أب وأم، فأي زيادة لقدرة الله إذا قيل إنه خلق عيسى بدون أب، وهو قد خلق أدم بدون أب وأم، إذ أن الأمر الذي يدل على إظهار قدرته الكاملة فلا بد من أن يكون واضحا وجليا بحيث لا يشك فيه أحد، وخلق عيسى بلا أب كان أمرا مخفيا ولم يطلع عليه أحد.

وليس هو معجزة أيضا لأن المعجزة تظهر أمام قوم قد أنكروا النبوة، فكيف أنكروا النبوة؟ وعيسى لم يلد ولم يدّعِ النبوة أو الألوهية بعد، وإن كان معجزة لكانت لمريم وليست لعيسى عليه السلام" اهـ (١).


(١) تفسير القرآن للسيد: ٢/ ١٥.