للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا القول لا يكون دليلا على ما ذهب إليه السيد إذ أنه لم يُخرج آدم من جملة من خوطب به في الآية عندما قال الله عز وجل {لَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ} أي ليس المقصود بضمير المخاطبين آدم وحده بل آدم وأولاده، فلا إنكار لأحد إذا كان هذا هو المقصود عند السيد.

ولكن السيد يريد غير ذلك عندما قال: "ليس المراد بلفظة آدم ذلك الشخص الذي يسميه عوام الناس ومشايخ المساجد بالأب آدم ... ". فكيف يُخاطب بآدم وهو كان جرثومة عند ما خُلق على حد قول السيد (١).

رابعا: إن القرآن الكريم قد خاطب البشر كلهم بأنهم بنو آدم في عدة آيات، فمثلا: قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (٢).

ووردت كلمة آدم في السنة قرابة مائة مرة، وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم بأن كل الناس من أولهم إلى آخرهم من أب واحد فقال: "يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلّا بالتقوى" اهـ (٣).

والأب الواحد هو آدم عليه السلام كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الناس بنو آدم وخلق آدم من تراب" اهـ (٤).

وكفى بالله شهيدا ومن أصدق من الله قيلا، وكفى بالرسول مبلغا وهو أصدق القائلين.


(١) ينظر قوله في مقلات سير سيد: ٢١٧ - ٢١٨.
(٢) سورة يس: ٦٠، وينظر كذلك سورة الإسراء: ٧٠، وسورة الأعراف: ٢٦، ٢٧، ٣١، ٣٥، ١٧٢.
(٣) مسند أحمد: ٥/ ٤١١.
(٤) مسند أحمد: ٣/ ٣٦١، ٥٢٤.