للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مائة عام" اهـ (١).

ولم تعرف فرقة من فرق الإسلام أو المنتسبة إليه أنكرت حقيقة العرش حتى المتكلمون اعترفوا بوجوده، وإن خالفوا في وصفه، قال القاضي أبو العز الحنفي: "ذهب طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهة، وربما سموه "الفلك الأطلس"، و "الفلك التاسع" وهذا ليس بصحيح، لأنه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة ..... والعرش في اللغة: عبارة عن السرير الذي للملك، كما قال تعالى عن بلقيس: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} وليس هو فلكا، ولا تفهم منه العرب ذلك والقرآن إنما أنزل بلغة العرب" اهـ (٢).

[ثانيا: حقيقة الاستواء]

الاستواء لغة قد ورد عن السلف في تفسيره أربعة معانٍ: الأول: علا، والثاني: ارتفع، والثالت: صعد، والرابع: استقر. علا وارتفع وصعد معناها واحد، وأما استقرّ فهو يختلف عنها ودليلهم في ذلك أنها في جميع مواردها في اللغة العربية لم تأت إلا لهذا المعنى إذا كانت متعدية بـ (على) (٣). قال الله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} (٤)، وقد أخبر سبحانه وتعالى: عن استوائه على عرشه في سبع مواقع من القرآن كلها بلفظ استوى وهي: آية الأعراف: ٥٤، آية يونس: ٣، آية الرعد: ٢، آية طه: ٥، آية الفرقان: ٥٩، آية السجدة: ٤، وآية الحديد: ٤ كما سبق ذكرها.


(١) صحيح سنن أبى داود للألباني ٣/ ٨٩٥ (٣٩٥٣).
(٢) شرح الطحاوية لأبو العز الحنفي ص: ٢٣٠.
(٣) كما حقق ذلك ابن القيم رحمه الله (ينظر شرح الواسطية: للهراس، من منشورات الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، ط / ٤ ص: ٨٠.
(٤) سورة المؤمنون: ٢٨.