للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أجاب مقارنا بين فردية الذات الإلهية وبين العالم الحادث فوصل إلى نتيجة أن العالم لا يمكن أن يعد حقيقة مستقلة الوجود مقابلة للذات الإلهية، ومن ثم شق الطريق إلى الاتحاد ووحدة الوجود، واستدل على ذلك بأقوال الصوفية حتى اتفق فكره مع فكر "ادنجتون" حيث يرى أن الخالق والمخلوق في الحقيقة شيء واحد وإن كان الفكر يجزئه في ظاهره وهو نفسه يخلق عالم الطبيعات.

فاتباعًا للفلاسفة الاتحادية من المستشرقين وغيرهم قد ادعى إقبال في العبارة السابقة الحلول والاتحاد، كما صرح ذلك في مكان آخر فقال: أيها الغافل ابحث عن الإلهية وهي متلاشية فيك وهذا هو الطريق الوحيد الذي تصلح به أعمالك (١).

إذن العالم في نظر إقبال لا يمكن أن يعد حقيقة مستقلة الوجود مقابلة للذات الإلهية، إنما هو وجود واحد يجزئه العقل أو الفكر الإنساني. فهذه هي شبهة قد تعلقت بذهن إقبال ومعظم كتاباته عن الذات الإلهية تدور حول هذه الشبهة.

[تفنيد الشبهة]

وللرد على هذه الفرية نقول: إن الدكتور محمد إقبال في دعواه الاتحادية قد وقع في تناقضات عجيبة منها: قد يقول: "نحن كاللؤلؤ نحيى ... في الوجود لإلهي، وقد يقول: "الإلهية متلاشية فيك أيها الإنسان" اهـ.

فنسأل إقبالًا فأي الوجود أصل وأي الوجود فرع؟ وإذا كان الأصل الوجود الإنساني، فكيف يتلاشى الوجود الأصلي في الوجود الفرعي؟ هذا تناقض عجيب.

وإذا قال إنهما في الحقيقة وجود واحد وإنما يبدو للإنسان كأنهما وجودان منفصلان، فهو صادق في إظهار قصده هذا، لأنه قد صرح بذلك في مقام آخر فقال: "يد العبد المؤمن هي نفسها يد الله، فهي الغالبة الخالقة للعمل وكاشفته ومحققه (٢).

ولكن هو نفسه قد اعترف في العبارات السابقة أكثر من مرة بأن لله وجودا


(١) بال جبريل لإقبال ص: ١٣٢.
(٢) المرجع السابق ص: ١٣٢.