للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم عند إجابته عن سؤال جبريل عليه السلام عن الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" اهـ (١).

وقد تقيد أهل السنة وأئمتهم بهذه المعاني كلها لأن ما قاله الشارع هو أشمل وأوفى لمراد الله تعالى، يقول ابن جرير الطبري رحمه الله: "الذي عليه أهل السنة أن الله سبحانه وتعالى قدر الأشياء، أي علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا هو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته دون خلقه، وأن الخلق ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب ومحاولة ونسبة وإضافة وأن ذلك كله إنما حصل بتسييره تعالى وقدرته وتوفيقه وإلهامه سبحانه لا إله إلا هو، ولا خالق غيره كما نص عليه القرآن والسنة، لا كما قالت القدرية وغيرهم من أن الأعمال إلينا الآجال بيد غيرنا، قال أبو ذر رضي الله عنه: قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا فنزلت هذه الآيات إلى قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} فقالوا يا محمد يكتب علينا ويعذبنا؟ فقال أنتم خصماء الله يوم القيامة" اهـ (٢).

[أقوال المتأثرين بالاستشراق]

قال سيد أحمد خان: "من الأصول القديمة أن الإيمان والتوكل على قضاء الله وقدره والشكر له من واجبات المؤمن، بينما الأصول الجديدة تعرف القدر بأنه ما يقع حينا بعد حين، والانتظار قبل الوقوع يبطل حكمة الله في سعيه وتدبيره، وعدم التحمل بعد الوقوع كفر لنعمته (٣).


(١) صحيح مسلم مع الشرح: ١ - ٢/ ٢٧٢ (٨).
(٢) جامع البيان للطبري: ١٧ - ١٨/ ١٤٨.
(٣) سرسيد كي إسلامي بصيرت لجمال خواجه: ٥٣ - ٥٤.