للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم تخرج مدلولاتها في الأحاديث النبوية عن هذه المدلولات كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي" اهـ (١).

يلاحظ من المدلولات السابقة عموما أن كلمة "القضاء" تنحصر في معنى واحد وهو الحكم حتمي التنفيذ، أو الفراغ من الأمر ذو النتيجة الحتمية (٢).

وكلمة القدر له مدلولات عديدة وردت في الكتاب والسنة فمن هذه المعاني:

١ - القضاء والحكم كقوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} (٣).

٢ - القضاء النافذ كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ} (٤).

٣ - تحديد واقع الشيء ومبلغه كقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (٥).

لعل هذا المدلول هو المقصود في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فإن غم عليكم فاقدُروا له" اهـ (٦).

فيلاحظ في النصوص السابق الاستشهاد بها تداخل بين مدلول كلمة "القضاء" وبعض استعمالات كلمة "القدر"، وإن كان هناك فرق بينهما في بعض الاستعمالات من حيث اللغة، ولكن عند استخدامهما شرعا وبخاصة كركن من أركان الإيمان نتقيد في بيان معانيهما بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) صحيح البخاري مع الفتح: ٦/ ٢٨٧ (٣١٩٤).
(٢) وإلى هذه النتيجة نفسها تقريبا وصل الدكتور سعيد إسماعيل (ينظر كشف الغيوم عن القضاء والقدر لـ د. سعيد إسماعيل، ١٤١٧ هـ ص: ٦ - ٨).
(٣) سورة الحجر: ٦٠، ينظر هذا المعنى عند الطبري في تفسيره: ٨/ ٤١.
(٤) سورة يونس: ٥، ينظر هذا المعنى عند الطبري في تفسيره: ٧/ ٨٦.
(٥) سورة الحجر: ٢١، ينظر هذا المعنى عند الطبري في تفسيره: ٨/ ١٨.
(٦) صحيح البخاري مع الفتح ٤/ ١١٩ (١٩٠٦).