للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول أيضا: "وقد تتابع ورود هؤلاء الصحابة وغيرهم من التابعين وأتباع التابعين من بلاد العرب في أزمنة مختلفة إلى أقاليم الهند، وكان شغلهم الشاغل ليل نهار رواية أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وترويجها بين الناس وتثقيفهم بثقافة دين الفطرة وحضارته وتعليمهم بمبادئ الخلق الحسن الأعلى الأرفع الذي هو أساس الدين الإسلامي" اهـ (١).

[المنهج السني في الهند]

قد تبين بما تقدم أن أهل الهند كانوا على المنهج العقدي الصحيح إلى مدى الثلاثة القرون الأولى المفضلة، ولم يكونوا يعرفون علم الكلام ولا الفلسفة اليونانية، ولم ينشأ فيهم التعصب المذهبي، بل كانوا عاملين بالكتاب والسنة بعيدين عن التفرقة الدينية وكانوا يستفتون أهل العلم بدون تحديد مذهب أو تعيين شخص بعينه (٢).

يقول الشيخ عبد الحي الحسني -رحمه الله-: "فإن أهل الهند كغيرهم لم يعرفوا إلا القرآن والحديث، ولم يعلموا إلا ما صح عن الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى مدة طويلة" اهـ (٣).

وهذا بالطبع هو منهج أهل السنة والجماعة، ولم يكن هناك للمسلمين منهج غير هذا المنهج لتلقي العقيدة، فمن هنا يمكننا القول بأن المنهج السني قد ساد في الهند فكرا عند علماء المسلمين وعامتهم إلى مدى القرون الثلاثة المفضلة.

[بداية الانحراف في المنهج]

ثم جاء القرن الرابع الهجري، وتتابعت الفتوحات الإسلامية في الهند من جهة إيران وأفغانستان، فأول فتح في هذا القرن كان على يد السلطان محمد الغزنوي (٤)،


(١) كيا إقليم هند مين إشاعت إسلام صوفيا كي مرهون منت هي ص: ١٣.
(٢) ينظر حركة الانطلاق الفكري ص: ١١١ - ١١٢.
(٣) الثقافة الإسلامية في الهند لعبد الحي اللكنوي ص: ٢٠٢.
(٤) ينظر آب كوثر لشيخ محمد إكرام ص: ٥٩، وينظر بعض التفاصيل عن السلطان الغزنوي ص: ٦٣٤ في هذا البحث.