للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ ...... فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق .... " اهـ (١).

ومن ذلك قوله تعالى -وهو أصدق القائلين-: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} (٢).

ثالثا: ولا ندري كيف ساغ للسيد أن يشبه النبي صلى الله عليه وسلم بفاقد العقل، وحالته صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي كحالة المجنون، فكيف تجرأ لهذه الفرية وهو السيد الذي يقول عن نفسه: "إنني لما رأيت اتهامات "وليم ميور" على جدي صلى الله عليه وسلم احترق قلبي من شدة الحزن" اهـ (٣).

ومن المعروف أن فاقد العقل إذا رأى شيئا خياليا، يرى هو وحده دون غيره، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يرى جبريل قد يراه أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين كما جاء في حديث جبريل:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرف منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه ..... (حتى قال: ) قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدري من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" اهـ (٤).

رابعا: أما قول إقبال: "فإذا تقوّى هذا الوجدان يصل بنا إلى حقائق ما وراء الحواس، وإفاداته لا تخطئ أبدا" اهـ فنرد عليه ونقول: لو كان تربية الوجدان وسيلة إلى معرفة حقائق ما وراء الحواس لصار كل منا نبيا، ولتعطلت رسالات الله من


(١) صحيح البخاري مع الفتح: ١/ ٢٣ (٣).
(٢) سورة النجم: ١٢ - ١٥.
(٣) ينظر خطوط سير سيد للسيد ص: ٣٨.
(٤) صحيح مسلم مع الشرح: ١ - ٢/ ٢٧٣ - ٢٧٤ (٨).