للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه آخر نظري: أن نقول: الفعل وصف الفاعل والوصف تابع للموصوف، فكما أن الإنسان بذاته مخلوق لله فأفعاله مخلوقة لأن الصفة تابعة للموصوف" اهـ (١).

وأما قول إقبال: إن الله عز وجل ذكر أن هناك خالقين غير الله في قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (٢).

فالجواب: " أن الخلق الذي ننسبه إلى الله عز وجل هو الإيجاد وتبديل الأعيان من عين لأخرى، فلا أحد يوجد إلّا الله عز وجل ولا أحد يبدل عينا إلى عين إلّا الله عز وجل، وما قيل إنه خلق بالنسبة للمخلوق، فهو عبارة عن تحويل شيء من صفة إلى صفة ... ولكنه ليس الخلق الذي يختص به الخالق، وهو الإيجاد من العدم، أو تبديل العين من عين إلى أخرى" اهـ (٣).

قال الإمام ابن جرير الطبري في قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}: "اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: معناه فتبارك الله أحسن الصانعين ....... يصنعون ويصنع الله، والله خير الصانعين ....... وقال آخرون: إنما قيل: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} لأن عيسى كان يخلق، فأخبر جل ثناؤه عن نفسه أنه يخلق أحسن مما كان يخلق ..... وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مجاهد (وهو القول الأول) لأن العرب تسمي كل صانع خالقا، ومنه قول زهير:

ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ... ض القوم يخلق ثم لا يفري" اهـ (٤).

وقال القرطبي: "وذهب بعض الناس إلى نفي هذه اللفظة عن الناس وإنما يضاف الخلق إلى الله تعالى، وقال ابن جريج: إنما قال {أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} لأنه تعالى قد أذن


(١) شرح العقيدة الطحاوية لابن العثيمين ٢/ ٢١٠ - ٢١١.
(٢) سورة المؤمنون: ١٤.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية لابن العثيمين: ٢/ ٢١١ - ٢١٢.
(٤) جامع البيان للطبري: ١٠/ ١٣.