للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلكت الأشعرية مسلك الماتريدية في تعطيل الصفات وتأويل النصوص، فقالوا: الله ليس فوق العرش أو تحته أو يمينه أو شماله أو أمامه أو خلفه ولا خارج العالم ولا داخله (١)، وعللوا على ذلك بتعليلات كلامية وفلسفية فقالوا: إثبات علو الله تعالى واستوائه على عرشه إثبات المكان له، وكل ما كان له مكان فإما أن يكون أكبر منه أو أصغر منه أو مساويا فيكون جسما، والمستوي على الشيء يكون محتاجا إليه (٢)، ورتبوا على هذا منع الإشارة إليه.

وأما الصفات التي أثبتوها لله عز وجل عللوا على ذلك بقولهم: لا لكونها ثابتة في الكتاب والسنة، وإنما أثبتناها لأن الذات لا يتصور بدون هذه الصفات السبع أو الثماني، فيقول البزدوي رحمه الله: "فإنه لا يتصور ذات الله تعالى بدون العلم والقدرة ولا علم بلا قدرة ولا قدرة بلا حياة ولا علم بلا ذات .... (٣).

وبالجملة إن الماتريدية والأشعرية ليسوا على منهج أهل السنة في باب الأسماء والصفات، لأنهم إما يؤولون النصوص أو يفوضون الأمر إلى الله تعالى في المعنى والكيفية (٤).


= النسفي دار الكتاب العربي بيروت ١/ ٦، ٢٠٩، إشارات المرام لأحمد البياضي ص: ١٨٩، إتحاف السادة المتقين شرح إحياء علوم الدين للزبيدي، دار الفكر ٢/ ١٠٧ - ١ - ٨.
(١) ينظر المواقف في علم الكلام للجرجاني دار الطباعة العامرة الآستانة ١٣١١ هـ، ص: ٢٧٢.
(٢) ينظر أساس التقديس للرازي ص: ٢٨.
(٣) أصول الدين للبزدوي ص: ٣٥ - ٣٦.
(٤) مثلا: في صفة اليد، قالوا إن المراد باليد القوة تأويلا، أو قالوا لا نعرف معناها تفويضا، والحق أن يقال: إن اليد معناها معروف والكيف مجهول يعني مفوض إلى الله عز وجل.