للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاثنى عشرية نفسها من حيث المنهج افترقت إلى فرقتين هما: الأخبارية والأصولية.

فالأخباريون يأخذون ما ورد به الأخبار متشابهة كانت أو غير متشابهة، فيجرون المتشابهات على ظواهرها، ويقولون ما قال سلفهم، والأخبار عندهم ما جاء عن أئمتهم، ولا تحتاج رواياتهم إلى النظر والبحث والتحقيق والتفتيش لا عن السند لأنها من صاحب الإمام المعصوم (١)، ولا عن المتن لأنه من الإمام، وعقول الناس قاصرة عن إدراك كنه ما يقوله الإمام حعسب رواية المعصوم الخامس عند الشيعة محمد باقر، وإن الرجوع إلى دليل آخر من الأدلة العقلية ليس إلّا جهل وضلال، وإذا لم يوجد في المسألة شيء فعليه الإرجاء حتى يأتي فيه خبر عن إمام.

وأما الأصوليون أو المجتهدون فيرون أن هناك دليلا عقليا غير الكتاب والسنة والإجماع ويعتبرون البراءة الأصلية والاستصحاب من هذا الدليل العقلي، فهم يجتهدون، ولا يصدقون كل ما ورد في كتبهم من أخبار (٢).

ومع هذا الاختلاف الذي سبق ذكره هما فرقة واحدة لأنّ جلّ اعتمادهم على رواية الإمام المعصوم ولذلك إن جملة من شيوخ الشيعة تدعى أن الخلاف بين الأصوليين والأخباريين يقتصر على بعض الوجوه البسيطة ككل اختلاف يحدث بين أبناء الطائفة الواحدة تبعا لاختلاف الرأي والنظر (٣).


(١) جاء في بحار الأنوار "اعلم أن الإمامية اتفقوا على عصمة الأئمة عليهم السلام من الذنوب صغيرها وكبيرها فلا يقع منهم ذنب أصلا لا عمدا ولا نسيانا ولا لخطأ في التأويل ولا للإسهاء من الله سبحانه" (بحار الأنوار للمجلسي ٢٥/ ٢١١).
(٢) ينظر الشيعة والتشيع لإحسان ألهى ظهير ص: ٣٢٠ - ٣٢٥، ومن كتب الشيعة تجد تفاصيل هذا التقسيم في كتاب: "الأصوليون والأخباريون فرقة واحدة" لفرج العمران، المطبعة الحيدرية، النجف ص: ١٩، وكتاب: "روح الإسلام" لسيد أمير علي ٢/ ٢٣٤ - ٢٣٧.
(٣) ينظر التقليد في الشريعة الإسلامية لمحي الدين بحر العلوم، دار الزهراء بيروت ط / ١٤٠٠٢ هـ ص: ٩٢.