للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونسبت الأفكار إلى الذين صاغوها ومن ثم ظن المستشرق أن كل حضارة لا بد وقد نشأت بالضرورة على نمط الحضارة الغربية (١).

وقد تأثر المستشرقون أو معظمهم لهذه النعرة العلمية (٢) أو الموجة المادية الإلحادية التي سادت أوربا، ونجحت في إرجاع الظاهرة الدينية المتمثلة في اليهودية والنصرانية المحرفتين إلى أسباب مادية، وإثباتها بأنها بشرية وأنها لا تصمد أمام الاكتشافات العلمية الحديثة، فظنوا أن كل فكرة دينية لا بد وأن نشأت بالضرورة على هذا المنوال ولا بد لها من أن تزول أمام المعارف العلمية الحديثة.

وبهذه الانطباعات والخلفيات والتصورات المسبقة توجه المستشرقون إلى العقيدة الإسلامية لدراستها ولإرجاعها إلى أسباب مادية وإثباتها بأنها بشرية لا تصمد أمام التيار العلمي الحديث، وذلك بهدف القضاء عليها قضاء مبرما، ولهذا الهدف وضعوا مناهج عديدة يمكن تلخيصها في أربعة مناهج رئيسة، يستخدمونها إما مجتمعة أو على حدة. وهي إما شعورية يعيها المستشرقون، أو لا شعورية كامنة وراء عمل المستشرق وتحددها اتجاهاته أمام الظاهرة.

وهذه المناهج هي: منهج النقد التاريخي، والمنهج التحليلي، والمنهج الإسقاطي، ومنهج الأثر والتأثر (٣) وهناك مناهج أخرى فرعية سلكها المستشرقون لدراسة العقيدة الإسلامية، وفيما يلي تفصيل ذلك:


(١) ينظر التراث والتجديد لـ د. حسن حنفي دار التنوير للطباعة والنشر بيروت ط / ١، ١٩٨١ م ص: ٦٥ - ٦٦.
(٢) وقد استخدم هذا المصطلح د. حسن حنفي عندما تناول المناهج الاستشراقية بالنقد، ويقصد بها استعمال منهج أو طريقة أو عادة تخالف تماما موضوع البحث لأنها مادية ترمي إلى دراسة الفكر عن طريق الحوادث التاريخية والوقائع الاجتماعية أو ترجعه إلى الإبداع الشخصي أو الخارجي (التراث والتجديد لحسن حنفي: ص: ٦٠).
(٣) ينظر التراث والتجديد لد. حسن حنفي ٦٠ - ٦٤.