للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالظروف الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية كما فعله معظم المستشرقين العلمانيين والملحدين أو إلى عناصر دينية وغير دينة كما فعله معظم المستشرقين النصارى، ويصبح العنصر الديني مع أنه الدافع الحقيقي لتكوين الظاهرة عنصرًا ضعيفًا مساعدًا لبقية العناصر، ولا شك هذا من تأثر المستشرق بثقافته وبيئته ودينه الذي نشأ فيه.

"فالمسيحية (الديانة النصرانية) عندما يخضعها المستشرقون للمنهج التحليلي فإنها تبدو لهم منقسمة إلى عوامل دينية وأخرى غير دينية لأن الدين المسيحي (١) لا ينظم إلا الجانب الروحي ولا علاقة بالجانب الزمني (٢) أو المادي الذي يخضع بدوره إلى عوامل الاقتصاد والسياسة والاجتماع ولكن إذا طبق هذا المنهج على دراسة العقيدة الإسلامية وكيفية نشأتها فإنه يحكم عليها طبقًا للمعايير السياسة والاقتصادية باعتبارها نشأت لهذا السبب وحده دون غيره، غير أن الحقيقة خلاف ذلك لأن الدين الإسلامي لا يفرق بين العامل الديني وغيره من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى (٣).

ومن أخطاء المنهج التحليلي الاستشراقي أن المستشرق يفتت الظاهرة إلي عناصر ثم لا يأخذها جميعها عند التحليل إنما يختار بعضها ويترك البعض حسب أهوائه، والأمثلة كثيرة على ذلك "فعديد من الدراسات عن المسائل الجزئية في علم الكلام (٤) لا تعطي نظرة شاملة على أساس هذا العلم ولا تدرك جوهره فيمكن دراسة عدة جوانب من التوحيد كالتأليه أو التجسيم أو التشبهية أو التنزيه مع إعطاء مئات


(١) الأحسن النصراني بدل المسيحي.
(٢) الزمني معتاد في اصطلاح النصارى الدنيوي وهو ترجمة للكلمة اللاتينية " Temporal" " لإثة حخقشم".
(٣) ينظر الظاهرة الاستشراقية لـ د. ساسي الحاج ١/ ٢٠٢.
(٤) كذا في الأصل والأحسن أن نقول في علم العقيدة.