للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة إن مناهج المستشرقين قامت على ركائز معينة وهي: نظرية الاستعلاء العنصري، وفكرة التطور والارتقاء الدارويني، ونظرية الشك الماركسي والعقلانية المادية الخالصة، والاعتماد الكامل على الفكر البشري، والإيمان الواثق بالاكتشافات العلمية الحديثة، والقول بأن الدين بشرية النشأة، والوقوف بالحيرة عند الشاهد الملموس، والرفض الشديد لعالم الغيب، وبهذه الركائز القاصرة هاجمت المناهج الاستشراقية مفاهيم الإسلام حين جاءت بالمنهج العلمي الأصيل في المعرفة القائمة على البرهان والدليل والتحرز من الهوى وإنكار مواريث الآباء والأجداد والتماس الحقيقة من خلال الإيمان بالله القائم على عقيدة التوحيد الخالص (١).

ومن الحق أن منهج البحث الاستشراقي ليس له صلاحية أن يكون عامًا أو عالميًا لأسباب كثيرة منها: في أصوله ومقرراته الأساسية يختلف اختلافًا جزريًا عن منهج البحث الإسلامي، ولا يلتقي معه أبدًا، بينما يقرر المنهج العلمي الإسلامي اليقين لوجود عالمي الغيب والشهادة وتكاملهما، ويقبل مفاهيم الألوهية والنبوة والوحي ورسالة السماء المنزلة على الأنبياء والجزاء والبعث، ويشهد مفاهيمه في فهم الحياة وبناء المجتمع وتربية الإنسان، ويقف المنهج الاستشراقي قاصرًا عند حدود الملموس وكيانه ورسالته (٢).

"وبينما يتصف المنهج الإسلامي بالوجود في أزله وأبده، وبالحياة في إنشاء الله لها وإنهائها عند أجلها المسمى وإقامة النشأة الآخرة في حياة الخلود التي يتحقق فيها الجزاء والحساب، يقتصر المنهج الآخر على الظواهر التي لم يستطع العلم أن يتجاوزها ويقف بالإنسان عند حد الموت ولا يفهم شيئا وراء الموت" اهـ (٣) وغير ذلك من الفروق.


(١) ينظر أخطاء المنهج الوافد الغربي لأنور جندي ص: ٥٩.
(٢) ينظر المرجع السابق ص: ٢١.
(٣) أخطاء المنهج الغربي لأنور جندي ٥٨ - ٥٩.