للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليته اكتفى بنقل الكتب في التاريخ والاقتصاد والعلوم الحديثة ولكنه قد ظن أن الثقافة التي نقلها إلى لغة المسلمين ستولّد مشاكل في فهم الدين وتطبيقه (١)، فأراد أن يغير منهجية النظر في الدين، فوضع أصولًا وقواعد يبين فيها منهجه الجديد، وأبدا آراءًا تخالف عقيدة الإسلام الصحيحة، وهذا كان نتيجة معايشته لكتب الغربيين عامة وكتابات المستشرقين خاصة عندما نقلها إلى الأردية.

ولكن التحول الكبير الذي حصل له في منهجه العقدي بعد سفره إلى إنكلترا وهذا الفرق الواضح تجده عند تتبع كتبه قبل السفر وبعده.

يقول ألطاف حسين حالي رحمه الله "عندما كتب سيد أحمد خان كتابه في السيرة النبوية "الخطبات الأحمدية" لم يصل به تحقيقه إلى التحرر من ضوابط الشرع مثل ما يبدو ذلك في منهجه عندما ألف تفسيره "تفسير القرآن وهو الهدى والفرقان" فلم نجد في الخطبات شيئا يعارض مع الأصول الثابتة المعروفة في الإسلام إلا في موضوع أو موضوعين (٢) قد خالف الجمهور، وهذا دأب عامة المحققين عندما اختلفوا في مئات من المسائل، فحمل السيد قصة المعراج على الرؤيا كما ذهب إليه بعض الصحابة (٣) وكذلك قصة شق الصدر ومركب البراق أدخلها في الرؤيا وسلك هذا المسلك في غيرها من المسائل (٤).


(١) وقد أشار إلى هذا الدافع عندما وضع منهجه الجديد لتفسير القرآن في خمسة عشر أصلًا وستأتي خلاصته (ينظر تحرير في أصول التفسير في مقدمة تفسير القرآن الكريم وهو الهدى والفرقان لسيد أحمد خان، خدا بخش اورنتيل ببلك لا ئبريرى بتنة الهند ١٩٩٥ م ص ١/ ٥ - ٢٤).
(٢) هذا في نظر تلميذه ألطاف حسين حالي، ولكن الحقيقة كما نعرف أن السيد قد عارض الأصول الثابتة عند أهل السنة ليوافق عمله مع مفاهيم الغرب في كثير من المواضع من هذا الكتاب، ولكن نسبته قليل جدًا إذا قارناه بتأليفاته المتأخرة كتفسير القرآن والجن والجان وغيرها من الكتب.
(٣) قال ابن القيم رحمه الله: وقد نقل ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية رضي الله عنهما أنهما قالا: إنما كان الإسراء بروحه، ولم يُفقد جسده ونقل عن الحسن البصري نحو ذلك، ولكن ينبغي أن يعلم الفرق بين أن يقال كان الإسراء منامًا، وبين أن يقال: كان بروحه دون جسده، وبينهما فرق عظيم .... إنما أرادوا أن الروح ذاتها أسري بها وعرج بها حقيقة .... ومعلوم أن هذا أمر فوق ما يراه النائم .... (زاد المعاد ٣/ ٤٠).
(٤) حياة جاويد لحالي ص: ٤٦٥.