للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديثة، وأما استخدامه المنهج التطوري فكان في أسلوب دراسة العقيدة، ولا يقصد به التطور في العقيدة نفسها، ثم إنه استثنى من حتمية قوانين الطبيعة بعض الغيبيات اللازمة الإيمان بها، فكان معتدلا إلى حد ما.

واستدل على استثنائه من حتمية قوانين الطبيعة بوقوع المعجزات وحقيقة الملائكة والشياطين، ويرى أن هذا التوجيه أحسن بكثير من توجيه التأويلات العقلانية البعيدة التي فيها محاولة إدخال جميع الأشياء تحت حتمية قوانين الطبيعة بدون استثناء كما فعل ذلك سيد أحمد خان وجراغ علي ومن ذهب مذهبهما (١).

وانطلق مهدي علي من المنهج التحليلي السليم ليعود بالعقيدة إلى حقيقتها. فيرى أن كل شيء له حقيقة وطبيعة، وإذا أدركنا حقيقة الشيء ثم وجدنا الطبيعة منقلبة فلا بد أن يكون هناك سبب قد اختلط بالعنصر الخارجي ودخل في طبيعة الشيء، وبعرضه على التحليل يمكن الوصول إلى السبب الأصلي (٢).

فيرى أن الأشياء التي تسمى اليوم بالإسلام هي ليست من الإسلام إنما هي مجموعة من عناصر كثيرة داخلية وخارجية، وإذا عرضنا هذه الكثافة من العناصر على الكتاب والسنة معتمدين عليها اعتمادًا كاملًا، فبإمكاننا أن نميز بين الإسلام الصحيح وغيره إذ أن كل دين في بداية أمره كان خالصًا (٣). ثم دخلت فيه توضيحات أخرى مستعارة من العناصر الخارجية، وكذلك في الإسلام بدأت الإضافات والإلحاقات منذ زمن التابعين، وازدادت مع مرور الزمن حتى تغيرت هيئة الإسلام، وصعبت معرفة الإسلام الصحيح من غيره.

ومن هذه الإضافات نسبة بعض العقائد والأعمال إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كذبًا وزورًا للحصول على منفعة دنيوية، ومنها شروحات باطنية باطلة للإسلام الصحيح، ومنها الاهتمام الزائد بالإجماع الأصولي، ومنها الأخطاء الفكرية


(١) ينظر تهذيب الأخلاق: ١/ ٢٤٠ - ٣٢٠، ٣٤٤ - ٣٤٩.
(٢) ينظر المرجع السابق: ١/ ١ - ٣.
(٣) يقصد هنا بكل دين كل شريعة لأن الدين واحد والشرائع هي التي تتعدد.