للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخترعات العلم الحديث في ترتيب الأحاديث التاريخي عند استخدامنا قانون النسخ في الحديث (١).

وانطلق بمنطلق أن الفقه في العهد العباسي ابتعد كثيرًا عن الحديث النبوي، ومال إلى المنطق والعلوم العقلية اليونانية، فيرى أنه لا يمكن أن يأخذ الحديث مكانه في الفقه إلا إذا وضع معيارٌ جديدٌ لتوثيقه، ولكن مهدي علي لم يرتب هذا المعيار بل اتفق مع نظرية السيد أحمد خان إلى الحديث النبوي، وأعطى لكل شخص حرية الرد لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم (٢).

وأما الإجماع فلم ينكره من حيث كونه دليلًا شرعيًا إلا أنه استخف به وقلل من أهميته، فيرى أن حكم الإجماع ليس حكمًا حتميًا، ولا قطعيا ولا معصوما عن الخطأ، لأنه ليس حكم الرسول أصالة، إنما هو قياس تحليلي أو أقوال جماعة من العلماء أو عملهم، ويضاف إلى هذا أن الإجماع الذي يأتي بعده ينسخ الإجماع السابق، وهناك فرق بين نسخ الوحي بالوحي، ونسخ الإجماع بالإجماع إذ أن الإجماع متعرض دائمًا للنسخ والتغيير بخلاف الوحي. وفي العصر الحاضر لا بد من عرض الاجماع على التحقيقات الجديدة في علوم الطبيعة وعلى المعيار الجديد للأخلاق الإنسانية (٣).

وأما نظرته إلى الاجتهاد فيرى أنه يفتح آفاقًا جديدة في الإسلام، فإن الأمور الدنيوية لها ارتباط بالدين ويشترط أن يكون أسلوب الحياة مطابقًا بعقيدة، والحياة الدنيوية تتغير ومسائلها تتجدد، وإن لم نفتح باب الاجتهاد ضاقت حياتنا، فللسباق مع غيرنا ولتقنين قوانين جديدة لحياتنا حسب ما يقتضي كل زمن نجتهد، ونحن في


(١) ينظر تهذيب الأخلاق لسيد مهدي علي: ١/ ٥٨ - ٥٩، ٢٤٥ - ٢٤٦، ٢٥٠ - ٢٥٢، ٢٥٦ - ٢٥٧، ٣٢٠.
(٢) ينظر المرجع السابق: ١/ ٦٣ - ٦٥، ٩٨ - ١٠٣.
(٣) ينظر المرجع السابق: ١/ ٦٨ - ٧١، ١٥٩ - ٢٦٤، ١٦٢، ٣٢٠.