للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعاليم العيسوية نفسها، فلم يكن أتباعه راسخين في العقيدة بل كانوا متذبذبين، وعلى عكس ذلك فإن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على استقامة ثابتة وعلى عقيدة غير متزلزلة، وهذا أسمى شهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بصدقه وإخلاصه، ونجاحه في رسالته (١).

ودلل على كون رسالة عيسى عليه السلام ناقصة غير كاملة بالإشارة إلى المؤتمرات المنعقدة والمجامع المسكونية لتقرير أصول الدين وعقائده الجديدة، ثم لا تصمد هذه الأصول أمام تعقل بسيط أو تحرر يسير، ومن هنا يتأكد الأمر بأن حياة عيسى عليه السلام القصيرة لم تكتمل فيها الرسالة، وهي بحاجة إلى رسالة جديدة ومعلم جديد، ألا وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فرسالته متممة ومكملة لرسالة عيسى عليه السلام وهي تتم مكارم الأخلاق (٢).

ونهج أمير علي المنهج المادي الخالص عندما نسب بعض الأحكام إلى أسباب مادية، مصطنعة، وتجاهل عن أسبالب حقيقة معنوية، فيقول في ذكر سبب اتجاه المسلمين إلى الكعبة: "أراد النبي (صلى الله عليه وسلم) أن تظل ذكرى المكان الذي شهد مولد الإسلام حية في أذهان العالم الإسلامي، فأمر المسلمين أن يولوا وجوههم في الصلوة شطر مكة باعتبار كونها المركز المجيد الذي أشرقت منه شمس الدين الجديد، ورأى بنور النبوة ما ينشأ عن التضامن بين المسلمين إذا اتخذت نقطة مركزية تلتف حولها قلوب أمته في كل زمان، ولذلك أمر صلى الله عليه وسلم أن يتجه المسلمون في جميع أنحاء الأرض إلى مكة" اهـ (٣).

وكما يبدو من العبارة السابقة أن أمير علي انطلق من منطلق أن القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم، فقد نسب الأمر إلى ذات النبي صلى الله عليه وسلم وعلقه بنور النبوة وفراسة النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من عند الله، وسيأتي الرد على مثل هذه الافتراءات في الفصول القادمة إن شاء الله.


(١) ينظر روح الإسلام لأمير علي: ١/ ٩٩ - ١٠٠.
(٢) ينظر المرجع السابق: ١/ ٤٢.
(٣) المرجع السابق: ٢/ ٣٨.