للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذات غير المتناهي وتلاشى فيه (أفنى فيه نفسه) وإنما كان قصدهم أن غير المتناهي (الله) نفسه قد سقط في حجر حب المتناهي (العبد) (١).

واختار المنهج التحليلي المادي في نظرته إلى عقيدة القدر، فيرى أن الإيمان بالقدر والاحتجاج به من إضافات بني أمية إلى الدين الإسلامي حيث ستروا مظالمهم في كربلاء وغيرها تحت هذا الستار وقالوا: "ما شاء الله فعل"، ولما بلغ ذلك إلى الإمام حسن البصري قال: "قد كذب أعداء الله"، فانتشرت هذه العقيدة المذمومة رغم التنكير الشديد عليها من العلماء (٢) هذا في رأي إقبال ولكن الحقيقة كما نعلم أن القضاء والقدر عقيدة ثابتة بكل أركانها ومراتبها في القرآن والسنة.

وانطلق من منطلق استشراقي بأن النبوة هي عبارة عن أحوال وكشوفات مثل مكاشفات الصوفية، إلّا أن الصوفي معراجه لذة الاتحاد، وأما الأنبياء فهم يجدون في أنفسهم قوى مستيقظة يمكن بواسطتها (بها) قلب الدنيا كلها وتغيير الحياة الإنسانية بأكملها، فالنبي أكبر تمنياته أن تتحول أحواله إلى قوة حية يسيطر بها على جميع العالم (٣).

وأما الوحي عنده فهو خاصة الحياة، ويمر بمراحل مختلفة يتطور ويرتقي، ومع هذا الرقي تتغير نوعيته، مثل أن تخرج شجرة رأسها بكل حرية من تحت الأرض، أو أن ينبعث عضو جديد لحيوان في بيئة جديدة أو أن يخرج من الإنسان نفسه من أعماق وجوده نور وضياء، فهي أشكال مختفة للوحي، بدأت تتغير نوعيته بتغيير أصحابه حسب ضرورياتهم ولما كانت البشرية في مراحلها الأولى أو في سن طفولته بدأت قوتها النفسية تنمو وتتطور حتى وصلت إلى شكل عبرنا عنه بشعور النبوة (٤).


(١) ينظر تشكيل جديد لإقبال ص: ١٦٦.
(٢) ينظر المرجع السابق: ص: ١٦٧ - ١٦٨.
(٣) ينظر المرجع السابق ص: ١٨٩.
(٤) ينظر المرجع السابق: ص: ١٩١ - ١٩٢.