للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد أراد أمير علي مدح الإسلام بالفكرة السابقة إلا أنه قد وقع في أخطاء عدة من حيث لا يشعر، لأن تقسيم الإسلام إلى مرحلتين منفصلتين يثير تساؤلات كثيرة:

- هل كان الإسلام غير فعال في مرحلة القابلية؟

- هل كان الإسلام ناقصًا حتى احتاج إلى قبول معطيات أخرى؟

- هل كان الإسلام غير معقول أو غير محتاج إلى العقل في مرحلة الإيمان قبل أن يصل إلى مرحلة العقل؟

- هل فقد الإسلام قوة الإيمان عندما وصل إلى مرحلة العقل؟

وغير ذلك من التساؤلات.

فنظرة التطور من مرحلة التأتر إلى مرحلة التأثير نشأت عند أمير علي عندما درس الإسلام بمنظور المنهج التطوري التاريخي المتأثر بالمنهج الاستشراقي الغربي، فقد أشار إلى ذلك المنهج بقوله: "أن الشريعة الإسلامية حلقة من حلقات التطور الديني وهي في ذاتها ترتقي وتتطور استجابة لدواعي التطور البشري ومعطيات التقدم الزمني" اهـ (١).

وهذا ما قاله المستشرق جولدتسيهر: "إن الإسلام كما يبدو عند اكتمال نموه، هو نتيجة تأثيرات مختلفة تكون بعضها باعتباره تصورًا وفهمًا وأخلاقيًا للعالم وباعتباره نظامًا قانونيًا وعقديًا حتى أخذ شكله السني" اهـ (٢).

وأما تقسيم الإسلام إلى مرحلة الإيمان ومرحلة العقل فليس هذا إلّا شرح لمرحلتي القابلية والفاعلية عند أمير علي، ومما لا شك فيه إن هذا التقسيم كان نتيجة المنظور التطوري حيث يرى هو ومن معه من المتأثرين بالاستشراق أن العقيدة كانت تقليدية قديمًا، وأما اليوم فهي اجتهادية وعقلية (٣).


(١) ينظر روح الإسلام لأمير علي: ٢/ ٥٦ - ٥٧، ٢/ ١٨٠.
(٢) العقيدة والشريعة لجولدتسيهر ص: ١٠.
(٣) قد ذهب إلى هذا الرأي مهدي علي في كتابه تهذيب الأخلاق ١/ ٣، والدكتور إقبال في كتابه تشكيل جديد ص: ١٣٦.