للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى التوالد المضاد له، وهذه الخاصية من خصائص الذات الكاملة هي عنصر من أهم العناصر اللازمة في مفهوم الذات الإلهية كما صورها القرآن" اهـ (١).

ثم أثار إقبال سؤالا بقوله: "هل العالم يواجه الذات الإلهية بوصف كونه غيرًا" لها وبينهما فراغ مكاني يتوسط بين الذات وبين هذا الغير؟ " (٢).

ثم أجاب فقال: "والجواب عن هذا هو أنه بالنسبة للذات الإلهية لا يوجد خلق بمعنى حادث معين له "قبل" وله "بعد"، فالعالم لا يمكن أن يعد حقيقة مستقلة الوجود مقابلة للذات الإلهية، ولو أننا نظرنا إلى الأمر كذلك لأصبحت الذات الإلهية والكون ذاتين منفصلتين تقابل إحداهما الأخرى في ظرف فارغ من حيّز غير متناه وقد رأينا فيما سبق أن المكان والزمان والمادة تفسيرات يضمها الفكر لقدر الذات الإلهية الخالقة الحرة، وهي ليست حقائق مستقلة لها وجود في ذاتها، وإنما أحوال للعقل في تصوره لوجود الله.

وقد أثير مرة البحث في موضوع الخلق بين مريدي بايزيد البسطامي الصوفي المشهور، فأدلى أحدهم، في صراحة، بالرأي الذي تقبله الفطرة السليمة: "كان الله ولا شيء معه" فأجاب الولي: جوابًا قاطعًا أيضًا فقال: "الآن كما كان" أي لا وجود إلا الله، فعالم المادة إذن ليس شيئًا يشارك الله في الأزل، ويحدث الله ما يشاء، وهو كأنه على مسافة منه بل هو في طبيعته الحقيقة فعل واحد متصل يجزئه الفكر إلى كثرة من أشياء منفصل بعضها عن بعض ولقد ألقى الأستاذ "ايدنجتون" (Eddington) ضوءًا جديدًا على هذه النقطة الهامة وإني أبيح لنفسي أن أقتبس العبارة الآتية من كتابه "المكان والزمان والجاذبية" (Space Time and Gravitation) (٣) .


(١) تشكيل جديد لإقبال، ص: ٩٥ - ٩٦.
(٢) المرجع السابق: ص ١٠٠.
(٣) المرجع السابق ص: ١٠٠ - ١١٠.