للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (١) " اهـ (٢).

فإن العبد له مشيئة للخير والشر، وله قدرة على هذا وهذا، وهو العامل لهذا وهذا والله خلق ذلك كله وربه ومليكه، لا خالق غيره ولا رب سواه، ما شاء الله كان وما لم يشأ الله لم يكن" اهـ (٣).

ثالثا: "إن العبد عليه إذا أذنب أن يستغفر ويتوب ولا يحتج على الله بالقدر، ولا يقول: أي ذنب لي وقد قدر عليّ هذا الذنب، بل يعلم أنه هو المذنب العاصي الفاعل للذنب، وإن كان ذلك كله بقضاء الله وقدره ومشيئته، إذ لا يكون شيء إلا بمشيئته وقدرته وخلقه، ولكن العبد هو الذي أكل الحرام، وفعل الفاحشة، وهو الذي ظلم نفسه، كما أنه هو الذي صلى وصام وحج وجاهد، فهو الموصوف بهذه المحدثات، وله ما كسب وعليه ما اكتسب، والله خلق ذلك وغيره من الأشياء لما له في ذلك من الحكمة البالغة بقدرته التامة ومشيئته النافذة، قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (٤) فعلى العبد أن يصبر على المصائب وأن يستغفر من المعائب" اهـ (٥).

رابعا: إن الأفعال التي تصدر من العبد على نوعين: أعمال غير اختيارية، وأعمال اختيارية، فالأعمال غير اختيارية مثلا: إتيانه إلى الوجود من أب وأم معينين ليس من


(١) سورة النساء: ٧٨.
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية: ٨/ ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٣) المرجع السابق: ٨/ ٢٣٨.
(٤) سورة غافر: ٥٥.
(٥) مجموع الفتاوى: ٨/ ٢٣٧ - ٢٣٨.