للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكل من أراده، فالذي يأتي به الأنبياء عليهم السلام هو إحالة الذاتيات، ومن ذلك صرف الحواس عن طبائعها كمن أراك ما لا يراه غيرك أو مسح يده على مريض فأفاقه، أو سقاه ما يضرّ علته فبرئ، أو أخبر عن الغيوب في الجزئيات عن غير تعديل ولا فكرة، فهذه كلها إحالة الذاتيات وما ثبت إذ ثباتها لا يكون إلّا لنبي" اهـ (١).

والآيات والمعجزات التي آتاها الله الأنبياء والرسل تندرج تحت ثلاثة أمور: العلم والقدرة والغنى.

فالأخبار بالمغيبات الماضية والآتية، كإخبار عيسى قومه بما يأكلونه وما يدخرونه في بيوتهم، وإخبار رسولنا صلى الله عليه بأخبار الأمم السابقة، وإخباره بالفتن وأشراط الساعة التي ستأتي في المستقبل كذلك من باب العلم.

وتحويل العصى أفعى، وإبراء الأكمه والأبرص، وإخبار الموتى، وشق القمر وما أشبه هذا، من باب القدرة عصمة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من الناس، وحمايته له ممن أراد به سوءا، ومواصلته للصيام مع عدم تأثير ذلك على حيويته ونشاطه من الغنى (٢).

"ويعطي الله بعض عباده أمورا خارجة للعادة إكراما لهم لصلاحهم وقوة إيمانهم، وقد يكون ذلك سدّا لحاجتهم، كالحاجة للطعام والشراب والأمن وقد يعطيهم ذلك لنصرة دينه ورفعة كلمته إحقاقا للحق وإبطالا للباطل، فمن ذلك إعطاء مريم فاكهة في غير موسمها" اهـ (٣).


= فيه (الأعلام للزركلي: ٢/ ٢٨٥). ووضع المستشرق غولدتسيهر رسالة في الحلاج وأخباره وتعاليمه، وكذلك صنف المستشرق لويس مسينيون كتابا في الحلاج وطريقته ومذهبه.
(١) الفصل في الملل لابن حزم: ١/ ١٤٦.
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية: ١١/ ٣١٢ - ٣١٣.
(٣) الرسل والرسالات للأشقر: دار النفائس أردن ط /٦ - ١٤١٥ هـ / ١٩٩٥ م ص: ١٥٥.