للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشد وأفحش من العارض في النقل إلى موسى عليه السلام، فلا كافة في العالم متصلة إلى المسيح عليه السلام أصلا، والنقل إليه راجع إلى خمسة فقط وهم: "متى" (Matthew) و"باطرة بن نونا" و "يوحنا بن سبذاي" و "يعقوب" و "يهوذا" و "أبناء يوسف" فقط.

ثم لم ينقل عن هؤلاء إلّا ثلاثة فقط، وهم: "لوقا الطبيب" (Doctor Luke) الأنطاكي و "مرقس الهاروني" (Mark Antony) و "بولس البنياميني" (Benjamin Pauls)، وهؤلاء كلهم كذّابون ....... وكل هؤلاء مع ما صح من كذبهم وتدليسهم في الدين، فإنما كانوا مستترين بإظهار دين اليهود، ولزوم السبت بنص كتبهم، ويدعون إلى التثليث سرًّا، وكانوا مع ذلك مطلوبين حيث ما ظفروا بواحد منهم ظاهرا قتل، فبطل الإنجيل والتوراة لرفع المسيح عليه السلام بطلانا كليا" اهـ (١).

سادسًا: أما استشهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوراة في أمر رجم الزاني المحصن وضرب ابن سلام رضي الله عنه يد "ابن صوريا" إذ جعلها على آية الرجم فحق وهو مما قلنا آنفا: إن الله تعالى أبقاه خزيا لهم وحجة عليهم .. أما قول الله عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (٢) فحق لا مرية فيه، وهكذا نقول ولا سبيل لهم إلى إقامتهما أبدا لرفع ما أسقطوا منهما، فليسوا على شيء إلا بالإيمان بمحمد (صلى الله عليه وسلم) فيكونون حينئذ مقيمين للتوراة والإنجيل ...

وأما قوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٣) فنَعَمْ إنما هو في كذب كذبوه ونسبوه إلى التوراة على جاري عادتهم زائدا على الكذب الذي وصفه أسلافهم في توراتهم فبكّتهم عليه السلام في ذلك الكذب المحدث بإحضار التوراة إن كانوا صادقين فظهر كذبهم" اهـ (٤).


(١) الفصل في الملل لابن حزم: ١/ ٣١٢ - ٣١٣.
(٢) سورة المائدة: ٦٨.
(٣) سورة آل عمران: ٩٣.
(٤) الفصل في الملل لابن حزم: ١/ ٣١٥ - ٣١٦.