للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فربطا أحكام الدين بأحداث اجتماعية وتاريخية ومنهجيتهما هذه عرفت في الغرب بمنهجية علم الاجتماع المعرفي المادي والتي استخدمها المستشرقون في دراسة الإسلام بهدف إنكار المصدر الرباني للعقيدة الإسلامية، وإرجاع وجود الأفكار والمبادئ العقدية في الإسلام إلى حوادث وظروف تاريخية واجتماعية أو اقتصادية أو سياسية الخ، باعتبار أن هذه العوامل هي الباعث الحقيقي لتلك التعاليم الدينية (١).

الثاني: نسبة الأمر والنهي الإلهيين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد نسب أمير علي الأمر بتحويل القبلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن القضية منصوصة نسبتها إلى الله عز وجل في قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} (٢).

ونسب جراغ علي الأمر في تحديد الزواج بواحدة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أن القضية نازلة من عند الله عز وجل في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} (٣).

ثم أصرّ على ذلك فقال: "أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن" اهـ ثم أكّد الأمر بقوله: ولم يكن في وسعه أكثر من هذا، وبين سبب نسبة الأمر إلى القرآن هو أن محمدًا كان يعرف أن أتباعه يعتقدون بأن القرآن كان فرضًا عليهم، فاستغلّ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد فأمرهم في القرآن.

وإن نسبة الأمر إلى محمد صلى الله عليه وسلم والتجنب من نسبته إلى الله عز وجل أسلوب من الأساليب الاستشراقية، قد مارسه المستشرقون وأصروا عليه ليجعل القرآن بشري المصدر، وهذا أشدّ ضررًا من نسبة الأمر إلى القرآن إذ أن بعض


(١) منهجية علم الاجتماع المعرفي لـ د. محجوب أحمد الكردي. موضوع نشرته دراسات استشراقية وحضارية كتاب دوري محكم من إصدارات مركز للدراسات الاستشراقية والحضارية بكلية الدعوة بالمدينة المنورة العدد الأول ١٤١٣ هـ ص: ١٤٠.
(٢) سورة البقرة: ١٤٤.
(٣) سورة النساء: ٣.