للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا عند السيد، أما الشبلي فسماها دراية، وقد راج المصطلح الأول في أوساط المثقفين بالثقافة الغربية، ولكن وُجد النفور عند علماء الدين، أما المصطلح الثاني الذي اختاره الشبلي والذي كان مقبولًا في القديم مع اختلافه في المعنى قد تلقى قبولًا عند الجميع (١).

وأما الشيخ المودودي فلا نقول أنه تأثر بالاستشراق الغربي بل أراد أن يرد على العقلانيين بمناهجهم فوقع فيما وقعوا فيه، وقد سمى هذه العملية بـ "مسلك الاعتدال" (٢)، وقد راج هذا المصلح أيضا في المعاصرين.

فكل من السيد والشبلي والمودودي قد يلمحون إلى استنادهم بالأصلين المشهورين اللذين قد راجا عند جماهير علماء الأمة عفوًا وسهوًا، فأولهما: "الآحاد لا يحتج بها في العقائد". والثاني: "الآحاد تفيد الظن ولا تفيد اليقين" وعلى هذين الأساسين أثاروا شبهات حول منهج المحدثين فأوّلوا أحاديث بل ردوها مع كونها مروية بأسانيد صحيحة، فردوا الأحاديث التي جاء فيها ذكر المعجزات والغيبيات هذا عند السيد والشبلي، وأما الشيخ المودودي فقد أوّل أحاديث (٣) منها: حديث


(١) ينظر حسن البيان للشيخ عبد العزيز محمدي رحيم آبادي ص: ٣٠ - ٣٢، ومقدمة محمد إسماعيل السلفي ص: ٢٩ - ٣٢.
(٢) ينظر الرسائل والمسائل للمودودي ١/ ٢١٩ - ٢٣٥، ويقول الشيخ إسماعيل السلفي عن عملية الشيخ المودودي هذه: "وخاصة مقاله "مسلك الاعتدال" الذي أبدى فيه آراء مضطربة في ظنية خبر الآحاد، ومنح حق الحكم على الحديث تصحيحا وتضعيفا وبدون التقيد بالقواعد المتبعة لدى أئمة الصنعة، وخرج على منهج المحدثين، ونظر إليه بنظر الريبة والشك، ينشئ جراثيم لرفض الحديث، ويفتح أبوابا سرية إلى إنكاره، أمام أصحاب العقول المريضة، والأفكار السقيمة، الذين يبحثون عن كلمة سوء في الحديث ليتخذها شبكة يصيدون بها سفهاء الأحلام، وصغار العقول. (موقف الجماعة الإسلامية للشيخ السلفي: ص ١٢ - ١٣).
(٣) مثلًا: قال الأستاذ المودودي: "هذا المسيح الدجال وغبره من الأساطير التي ليست لها أي حيثية شرعية، وأيضًا لسنا في حاجة إلى البحث عن مثل هذه الأشياء والإسلام ليس مسؤولًا عما اشتهر بين العامة من الناس من هذه الأمور، فإن ثبت بعضها خطأ لا يتضرر به الإسلام شيئًا". (الرسائل=