للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقينه بأنه لا يملك حق التشريع لحياة الإنسان إلا الذي خلقه بيده مقاليد السماوات والأرض.

ويقينه بأنه تعالى ما أشهد خلقه على خلق السماوات ولا خلق أنفسهم .... إلخ، اليقينيات الضابطة لفكر الإنسان في دراسته للعقيدة.

مثل هذه اليقينيات إذا هيمنت على فكر الإنسان وقلبه، فإنها تحوطه عن جو النصوص الشرعية والكليات الإيمانية إلى تلك الجزئية ليدرسها لا العكس.

لقد كان السلف ابتداء بالصحابة رضي الله عنهم يعيشون في جو هذه الشمولية وبالتالي لم تكن الجزئيات الإيمانية مثار قلق وتقليب لديهم، سواء فهموا النصوص المتعلقة بها تماما أو وقف بعضهم عن الفهم التفصيلي لها، لأن تلك الشمولية تضفي عليها معنى عاما" اهـ (١).

وكذلك قد أثبتنا سابقا أن من المنهج السني السليم التسليم لما جاء به الوحي مع إعطاء العقل دوره الحقيقي وعدم الخوض في الأمور الغيبية مما لا مجال للعقل فيه (٢).

فيقول الدكتور الزنيدي أيضا: "هذا بين الوحي والعقل المجردين -افتراضًا- فإذا حددنا ميدان العقيدة وهو الغيب الذي يتجاوز حدود طاقة العقل البشري المحدود بعالم الكون المحيط بالإنسان -عالم الشهادة فإن أدلة الوحي تكون أصدق وأرسخ، أما بالنسبة- لنا نحن المسلمين فإن الأمر لا يقف عند حد افتراض وحي إلهي صادق إذ هو واقع حي بين أيدينا، وحي إلهي موثوق النسبة إلى الله، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ألا يحتم المنطق السليم الذي ذكرناه أن لا يعدو هذا الوحي إلى المصادر البشرية فيما قرره- في ميدان العقيدة بالذات بصفته موضوع حديثنا -ألا يعني تعويل المسلم على غير الوحي من المصادر البشرية- في أمور قررها الوحي -الشك في صحته، أو في وفائه بكل مطالب الإنسان العقدية؟ ذلك هدم لإيمانه بهذا الوحي-


(١) مناهج البحث في العقيدة الإسلامية في العصر الحاضر. لـ د. عبد الرحمن الزنيدي، مركز الدراسات والإعلام، دار أشبيليا، الرياض ط / ١ - ١٩٩٨ م / ١٤١٨ هـ ص: ٤٢٧ - ٤٢٨.
(٢) ينظر ص: ٤٧ في هذا البحث.