للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأحكام والوفاق العلمي والاتفاق العملي ... وكان دينهم الذي يعتمدون: الكتاب والسنة، منهما يصدرون وإليهما يتحاكمون، وبهما يحتجون، ولم يعرضوا عن نصوص الوحي، ولا عارضوها، ولم يعطلوا أحكامه ولا حرفوها، ولم يقبلوا من أحد -وإن علت في النفوس منزلته- مقالة في الدين حتى تكون موافقة للكتاب والسنة، غير مخالفة لهما.

هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تربى على نهجهم من التابعين، حتى إذا كان آخر عهدهم بدأت بعض الاتجاهات الشاذة تطل برأسها على الواقع الإسلامي من الكلام في الصفات والقدر: نفيا وإثباتا والخوض في نصوص الوعد والوعيد والطعن في الصحابة أو الغلو فيهم إلى غير ذلك مما كان الناس في عافية منه" اهـ (١).

ولم تلبث هذه الاتجاهات أن تطورت وتحولت إلى فرق ونحل لكل منها منهج خاص بها، فأهل الكلام لهم منهج يسلكونه في الاستدلال على مسائلهم، ورغم ادعاء كل منهم على أنها على الحق ولها النجاة دون غيرها، وهم مختلفون فيما بينهم، لكل منهم مقالات واعتقادات تخالف بها نظيراتها، وما كان هذا كله منهم إلا بعد اختلافهم في المناهج التي يعتمدون عليها في تلقي العقيدة، وفي الاستدلال على مسائلها.

يقول الدكتور عثمان بن علي حسن: "إن الاختلاف في المناهج هو الذي باين بين فرقة وأخرى، ويلزم من ذلك الاختلاف في القضايا والمسائل التفصيلية، إذ هو النتيجة الطبيعية للاختلاف في المناهج" اهـ (٢).


(١) منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة لـ د. عثمان علي مكتبة الرشد الرياض ط / ١، ١٤١٣ هـ -١٩٩٣ م ١/ ٥ - ٦.
(٢) المرجع السابق: ١/ ١٠.