للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧ - إنهم كانوا لا يريدون السيطرة السياسية، ولكنه إذا ساد الإلحاد فكانوا يفضلون مقاومته بدلا من أن يجلسوا ساكتين مسالمين مع الذين يساندون هذا الإلحاد.

وقد تبين بهذا التفصيل أن المنهج السني في تلقي العقيدة بعد أن كان مختفيا بدأ يظهر ويسيطر على البلاد فكرا عند المسلمين عامة، بجهود العلماء السابق ذكرهم، إلا أنه لم يكن واضحا عند بعض العلماء منهم، فامتزجت السنية عندهم بالتصوف إضافة إلى الأشعرية والماتريدية، ولكنها لم تبرزهم كفرقة بمقابلة أصحاب المنهج السني، فمن تمسك بمنهج أهل الحديث في الفروع كان أقرب في العقيدة إلى المنهج السني، ومن تمسك بمنهج أهل الرأي كان أقرب في العقيدة إلى المنهج الكلامي، إلا أنهم كانوا متفقين على مقاومة الإلحاد والكفر والشرك والبدع.

وأكبر دليل على كونهم أشداء على الكفار رحماء بينهم هو الجهاد الذي قام به الإمامان الشهيدان السيد أحمد بن عرفان والشاه محمد إسماعيل بن عبد الغني رحمهما الله، فكان أولهم أمير المؤمنين في الجهاد، وهو على منهج أهل الرأي في الفروع، والثاني كان قائد الجيش في المعارك، وكان يأخذ بمنهج أهل الحديث في الفروع، ولكنهما لم يختلفا في أمر من الأمور، بل أصبحا كشخص واحد روحا ومعنى يكمل أحدهما الآخر (١)، وعلى هذا المنهج نفسه كان المجاهدون، إذ أنساهم الجهاد الاختلاف في الفروع.


= فيدخل في ذلك -أي: في لفظ أهل السنة- جميع الطواف إلا الرافضة، وقد يراد به: أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى ويقول: القرآن غير مخلوق وأن الله يرى في الآخرة، ويثبت القدر، وغير ذلك من الأمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة" (اللالكائي، شرح أصول أهل السنة ١٥٢: ١)، (وينظر للتفاصيل في هذا الموضوع كتاب وسطية أهل السنة بين الفرق لـ د. محمد باكريم محمد با عبد الله دار الراية الرياض ط / ١, ١٤١٥ هـ -١٩٩٤ م ص: ٤١ - ٨٩).
(١) كما أشار إلى هذا المعنى الشيخ أبو الأعلى المودودي ينظر موج كوثر محمد إكرام ص: ٣٦.