للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضرب ثالث: هو مسألته [الحظ] من الدنيا كقولك: اللهم ارزقني مالًا وولدًا وما أشبه ذلك. وإنما سمي هذا أجمعُ دعاءً، لأن الإنسان يصدر في هذه الأشياء بقوله: يا الله، يا رب ويا حي فلذلك سُمي دعاءً" (١).

وهذا التقسيم الذي ذكره الزجاج يرجع في الحقيقة إلى نوعين فقط وذلك لأن الضرب الثاني والثالث كلاهما سؤال الله تعالى والطلب منه إلا أن أحدهما يتعلق بحظ من حظوظ الدنيا والآخر يتعلق بالآخرة، وهذا التعلق لا يخرجهما عن كونهما نوعًا واحدًا، ويدل على هذا أن ابن سيده ذكر أن الدعاء على وجهين: الأول طلب في مخرج اللفظ، والمعنى على التعظيم والمدح، والثاني الطلب لأجل الغفران أو عاجل الإنعام (٢).

ومن هنا نستطيع أن نقول: إن تقسيم الدعاء إلى نوعين فقط - وهو الذي سيأتي بعد هذا - أدقُّ وأوجزُ وأخصرُ، وإن هذا التقسيم ليس دقيقًا، ثم إن قول الزجاج: فضرب منها توحيده والثناء عليه وتمثيله له بما يشتمل على الذكر والتهليل والتحميد لا يشمل أنواع العبادات الأخرى مع أنه يطلق على جميع أنواع العبادات.

ويؤكد تعليله تسميتها دعاء بأن في أولها الدعاء الذي هو النداء بقوله: يا الله يا رحمن أنه يريد حصر إطلاق الدعاء على نوع خاص من العبادة وهو ما كان من باب الثناء والذكر وهذا دليل آخر على عدم دقة هذا التقسيم وأبو إسحاق الزجاج نفسه ذكر في موضع آخر (٣) أن الدعاء معناه العبادة ولم يقيده بالثناء والذكر.


(١) معاني القرآن: ١/ ٢٥٥، وتهذيب اللغة للأزهري: ٣/ ١١٩، ولسان العرب: ٣/ ١٣٨٥، وما بين المعكوفتين ليس في كتاب الزجاج المطبوع وإنما هو زيادة من المرجعين الآخرين، وقوله: فلذلك، في الأصل: فكذلك.
(٢) المخصص: ١٣/ ٨٨.
(٣) معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>