فهذه الاتجاهات الأربع تكون القسمة فيها باعتبار الاتجاهين الأولين ثلاثية، وباعتبار الاتجاهين الأخيرين ثنائية.
ثم هذه الاتجاهات الأربع ليس بينها كبير اختلاف وتباين، لكن بعضها أدق من بعض في الشمول والاستيعاب، فبعضها أدق من بعض وأحكم وأشمل وأعم.
وسنذكر ما في كل اتجاه من عدم الشمول والدقة ثم نبيّن الاتجاه الدقيق وبالله التوفيق وعليه التكلان ..
أ - الاتجاه الأول: أن الدعاء ثلاثة أنواع:
١ - النوع الأول: دعاء توحيد وثناء.
٢ - النوع الثاني: دعاء أمر أخروي.
٣ - النوع الثالث: دعاء أمر دنيوي.
فأول من وقفت على كلامه ممن ذهب إلى هذا الاتجاه هو أبو إسحاق الزجاج (١) فإنه قال: "معنى دعاء الله ﷿ على ثلاثة أضرب، فضرب منها توحيده والثناء عليه، كقولك: يا الله لا إله إلا أنت، وكقولك: ربنا لك الحمد، [إذا قلته] فقد دعوته بقولك: ربنا ثم أتيت بالثناء والتوحيد. ومثله قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠] فهذا ضرب من الدعاء.
وضرب ثان: هو مسألة الله العفوَ والرحمةَ وما يقرب منه كقولك: اللهم اغفر لنا.