واستشكاله وذلك لما تقدم في مبحث التعريف أن الدعاء يطلق على العبادة لغة وشرعًا وأن دعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة، والعبادة مستلزمة للسؤال والطلب.
والشارع الحكيم قد بيّن البيان الشافي ولا حاجة بعد بيان الشارع إلى بيان آخر وقد ذكرنا إطلاق القرآن الدعاء على العبادة، والعبادة على الدعاء.
والرسول ﷺ بين أن الدعاء هو العبادة، فهذا من البيان الذي أمر بتبيينه للناس. قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾.
وقد ذكر ابن القيم (١)﵀ بيان الرسول ﷺ للقرآن وذكر أنه على أوجه، ثم ذكر أن من تلك الأوجه:"بيان معناه وتفسيره لمن احتاج إلى ذلك" وضرب أمثلة لذلك وذكر من تلك الأمثلة هذا الذي نحن فيه فقال: "وكما فسر الدعاء في قوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ بأنه العبادة".
والحاصل أن الحديث لا يدل صراحة للقائلين بأفضلية دعاء المسألة لاحتماله للأوجه المذكورة ولا يمكن الاستدلال به إلا على الوجه الأول فقط، وأما على الأوجه الأخرى الباقية فلا يصح الاستدلال به.
ومن المعلوم أن الدليل إذا دخله الاحتمال سقط به الاستدلال ومن هنا تتلخص مناقشة أدلتهم في الآتي:
١ - أن الاستدلال بحديث "الدعاء هو العبادة" لا يتم لاحتماله للأوجه الأخرى المذكورة ففي بعض الأوجه أن الدعاء والعبادة سيان في المفهوم فلا يتم الاستدلال به.
٢ - ثم هو معارض بالأحاديث المصرحة بفضل الأذكار على غيره