للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالدعاء أيضًا فكل من العبادة والدعاء طلب، فالداعي دعاء المسألة يطلب جلب منفعة أو دفع مضرة، والعابد كذلك يطلب جلب الثواب ودفع العقاب فالغرض منهما شيء واحد، وقد تقدم بيان تضمن كل منهما للطلب.

فعلى هذا فالحصر حقيقي فجميع أنواع العبادات هي دعاء الله تعالى وسؤال له لمرضاته وجناته وللنجاة من غضبه وعقابه.

الوجه الثالث:

أن العبادة في الحديث على معناها اللغوي الذي هو التذلل والخضوع فمعنى "الدعاء هو العبادة"، أن الدعاء الذي هو طلب قضاء حوائج من الله تعالى هو إظهار غاية التذلل والافتقار إلى الله تعالى والاستكانة له وما شرعت العبادات إلا للخضوع للباري وإظهار الافتقار إليه (١).

الوجه الرابع:

أن الدعاء هو العبادة سواء استجيب أو لم يستجب، لأنه إظهار العبد العجز والاحتياج من نفسه والاعتراف بأن الله تعالى قادر على إجابته كريم لا بخل له ولا فقر ولا احتياج له إلى شيء حتى يدخره لنفسه ويمنعه من عباده، وهذه الأشياء هي العبادة بل مخها (٢).

الوجه الخامس:

إن الدعاء امتثال أمر الله تعالى حيث قال: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ فهو مأمور به والمأمور به عبادة (٣). ويؤيد هذا الوجه قراءة النبي للآية.

والذي يظهر والله أعلم أنه لا حاجة إلى تأويل معنى الحديث


(١) فتح الباري: ١١/ ٩٥، نقلًا عن الطيبي ونحوه في فيض القدير: ٣/ ٥٤٠.
(٢) تحفة الأحوذي: ٩/ ٣١٢.
(٣) انظر النهاية لابن الأثير: ٤/ ٣٠٥، وعون المعبود: ٤/ ٣٥٣، وفيض القدير: ٣/ ٥٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>