للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشبه ذلك، وأن الإبل أفضل أنواع الأموال وأنبلها، وكقول النبي : "الحج عرفة" يريد أن معظم الحج الوقوف بعرفة، وذلك لأنه إذا أدرك عرفة فقد أمن فوات الحج ومثل هذا في الكلام كثير" (١).

ويؤيد هذا الوجه ما ورد في معنى هذا الحديث من حديث أنس مرفوعًا: "الدعاء مخ العبادة" (٢) فمُخ الشيء خالصه ولبه ووجه تخصيص الدعاء بذلك: "أنه لما كان المُخ من أعضاء الحيوان هو المغذي لها والمقوم لاستدامة بقائها شبه الدعاء به لأنه يعمل هذا العمل، وذلك لأنه يشتمل على حضور قلبي لا يوجد في غيره فهو يستدعي مزيد حضور في قلب الداعي" (٣).

فالحصر على هذا الوجه حصر إضافي وليس حقيقيًا فكأن العبادات الأخرى ليست عبادة فهو لكماله المطلق، وكونه غاية في التذلل والخضوع، صار كأنه الوحيد في استحقاق هذا الاسم وأن غيره لا يطلق عليه هذا الاسم، فهو الفرد الكامل من أنواع العبادات ومن هنا استدل بهذا الحديث القائلون بأفضلية الدعاء المطلقة على سائر أنواع العبادات.

الوجه الثاني:

أن الغرض من العبادة طلب الثواب عليها، وهذا هو المطلوب (٤).


(١) شأن الدعاء للخطابي ص: ٥ - ٦، وانظر فتح الباري: ١١/ ٩٤، ونسبه إلى الجمهور، وتفسير الرازي: ٥/ ١٠٦، وإتحاف السادة نقلًا عن الخطابي: ٥/ ٢٩، والرسائل الشخصية: ١٠٥، وتحفة الطالب ص: ٩٨، ومصباح الظلام ص: ١٩٩، وعون المعبود: ٤/ ٣٥٢، وفيض القدير: ٣/ ٥٤٠، والأزهية ص: ٣٠ نقلًا عن الخطابي.
(٢) تقدم تخريجه ص: ٥٩.
(٣) إتحاف السادة: ٥/ ٤.
(٤) النهاية لابن الأثير: ٤/ ٣٠٥ مادة مخ والرسائل الشخصية من مؤلفات الشيخ ص: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>