للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب بعضهم بأن معنى أكرم أسرع قبولًا وأنفع تأثيرًا فيكون من باب الخصائص والمزايا وبأنه يمكن أن يكون معنى الدعاء هنا الدعوة إلى الله تعالى وهو معنى صحيح قد ورد للدعاء، كما تقدم في التعريف.

وبهذا نقول: إن الاستدلال بالحديث على الأفضلية لا يتم لهذه الاحتمالات المذكورة، وهذا وقد بقي الجواب عن الأحاديث الثلاثة الأخيرة فهي نص في محل النزاع، ويمكن أن يقال في الجواب عنها أن المراد بالدعاء فيها هو العبادة بالمعنى الشامل كما هو لفظ الحديث الثالث فليست نصًا في محل النزاع.

أو يقال: إن هذه الأفضلية المذكورة في هذه الأحاديث مقيدة ببعض الأحوال وليست أفضلية مطلقة في جميع الأحوال والأشخاص كما يتضح هذا مما سيأتي في القول الثالث والله أعلم.

القول الثالث:

وهو القول الراجح: إن الأفضل يتنوع باعتبارات ومع ذلك إذا نظر بدون اعتبار فدعاء العبادة أفضل، فجنس الدعاء الذي هو ثناء وعبادة أفضل من جنس الدعاء الذي هو سؤال وطلب وإن كان المفضول قد يفضل على الفاضل في موضعه الخاص بسبب وبأشياء أخرى، فالمفضول له أمكنة وأزمنة وأحوال يكون فيها أفضل من الفاضل (١).

قال ابن القيم : جنس الذكر أفضل من جنس الدعاء من حيث النظر إلى كل منهما مجردًا، وقراءة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء، هذا من حيث النظر إلى الكل مجردًا، وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل بل يعينه فلا يجوز أن يعدل عنه إلى


(١) الفتاوى: ١٠، وجواب أهل العلم والإيمان: ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>