للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاضل وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما بل القراءة فيهما منهي عنها نهي تحريم أو كراهة، وكذلك التسبيح والتحميد والتشهد والذكر عقيب السلام من الصلاة، أفضل من القراءة.

وهكذا الأذكار المقيدة بمحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة، والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة، اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن مثاله أن يتفكر في ذنوبه فيحدث ذلك له توبة واستغفارًا أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن فيعدل إلى الأذكار، والدعوات التي تحصنه وتحوطه.

وكذلك أيضًا قد يعرض للعبد حاجة ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها بقراءة أو ذكر لم يحضر قلبه فيهما، وإذا أقبل على سؤالها والدعاء لها اجتمع قلبه كله على الله تعالى، وأحدث له تضرعًا وخشوعًا وابتهالًا، فهذا قد يكون اشتغاله بالدعاء -والحالة هذه- أنفع، وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرًا (١).

والحاصل أن "الأفضل في كل وقت وحال: إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه" (٢).

وقد ذكر شيخ الإسلام ضابطًا لتفاضل العبادات وتنوع ذلك ثم ذكر الأفضل المطلق فقال : "إن الأفضل يتنوع:

١ - تارة بحسب أجناس العبادات كما أن جنس الصلاة أفضل من جنس القراءة وجنس القراءة أفضل من جنس الذكر، وجنس الذكر أفضل من جنس الدعاء.


(١) الوابل الصيب: ١٨٢ - ١٨٨، ومدارج السالكين ١/ ٨٨ - ٩٠، وزاد المعاد: ١/ ٢٠٦، وقريب من كلام ابن القيم كلام العز بن عبد السلام في قواعده: ٢/ ١٦٨ - ١٦٩ و ١٩٠ - ١٩١، والزرقاني على الموطأ ٢/ ٣٢، والزركشي في الأزهية ص: ٥١.
(٢) مدارج السالكين: ١/ ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>