للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المستعان به إذا كان مستعانًا به لذاته فلا بد أن يذل له الطالب السائل ويحبه، ويعتمد عليه ويرجوه ويخافه وينقاد له، فيكون هو الغاية المطلوبة لهذا الإنسان، فيكون هو معبوده ومقصوده والمستعان به (١).

فتبين بهذا العلاقة التي بين العبادة والاستعانة، وأنه لا بد لكل إنسان في كل وقت وحال من منتهى يطلبه وهو إلهه ولا بد له أيضًا من منتهى يطلب منه ويستعين به وذلك صمده الذي يصمد إليه في سؤاله واستعانته (٢).

ومن هنا يظهر لنا تلازم العبادة والاستعانة للإنسان وأن أحدهما وسيلة والآخر غاية، ثم الإنسان في هذين الواجبين لا يخلو من أحوال أربعة هي القسمة الممكنة، إما أن يأتي بهما جميعًا وإما أن يأتي بالعبادة فقط وإما أن يأتي بالاستعانة فقط وإما أن يتركهما جميعًا (٣).

فهذه الأحوال الأربعة هي القسمة الممكنة في الإنسان، وهي أيضًا متفاوتة:

القسم الأول:

وهو أجلّها وأفضلها وهم أهل العبادة والاستعانة بالله عليها، فعبادةُ الله غايةُ مرادهم، وطلبهم أن منه يعينهم عليها ويوفقهم للقيام بها نهاية مقصودهم، ولهذا كان من أفضل ما يُسأل الربُّ الإعانةُ على مرضاته، وهو الذي علمه النبي لحبه معاذ بن جبل فقال: "يا معاذ والله إني لأحبك فلا تنسَ أن تقول دبر كل صلاة اللهم


(١) كتاب التوحيد وإخلاص العمل ص: ١٥٨ - ١٥٩، أو الفتاوى: ١/ ٣٤، والعبودية ص: ١١٢، وإغاثة اللهفان: ١/ ٣٥، ٢٢ وطريق الهجرتين ص: ٥٥.
(٢) كتاب التوحيد ١٦٠، أو الفتاوى: ١/ ٣٦، وإغاثة اللهفان: ١/ ٣٥، ومنهاج السنة: ٥/ ٣٩٣، والعبودية: ١٠٨ - ١٠٩.
(٣) كتاب التوحيد: ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>