للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الرابع:

من

لا يعبد الله تعالى، ولكنه يستعين به على أهوائه وحظوظ نفسه وشهواته، وأغراضه، ويطلبها منه، وينزلها، به فتقضى له، ويسعف بها، سواء كانت أموالًا أو رياسة أو جاهًا عند الخلق أو أحوالًا من كشف، وقوة، وتمكين، ولكن لا عاقبة له (١)

وهؤلاء يشهدون ربوبية الله للخلق وافتقارهم إليه ويستعينون به غير ناظرين إلى الأمر والنهي ومرضاة الله ومحبته وغضبه، وهذا حال كثير من المتفقرة والمتصوفة.

وليس الكلام في الكفار والظلمة المعرضين عن الله فإن هؤلاء دخلوا في القسم الثاني الذين لا عبادة لهم ولا استعانة، ولكن الكلام في قوم عندهم توجه إلى الله وتأله ونوع من الخشية والذكر والزهد، ولكن يغلب عليهم التوجه بإرادة أحدهم وذوقه ووجده، لا بالأمر الشرعي وهم أصناف:

منهم المعرض عن التزام العبادات مع ما يحصل له من الشياطين من كشف له أو تأثير، وهؤلاء كثيرًا ما يسلبون أحوالهم، وقد يعودون إلى نوع من المعاصي والفسوق، بل كثير منهم يرتد عن الإسلام لأن العاقبة للتقوى، وهم لا تقوى لهم (٢).

ومنهم من يقوم بالعبادات الشرعية الظاهرة كالصلاة والصيام والحج، وترك المحرمات، لكن في أعمال القلوب لا يلتزم الأمر الشرعي، بل يسعى لما يحبه ويريده والله تعالى قال: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ﴾ [الإسراء: ٢٠].


(١) مدارج السالكين: ١/ ٨٢، وتجريد التوحيد: ٤١، والفتاوي: ٣/ ١٢٥، وكتاب التوحيد مع إخلاص العمل ص: ١٦٨.
(٢) الفتاوى: ١٠/ ٣٣ - ٣٤، و ١٣/ ٣٢٤ - ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>