للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا الباب الدعاء على المؤمنين باللعنة والخزي ونحو ذلك، فقد قال بعض السلف في تفسير المعتدين: "هم الذين يدعون على المؤمنين فيما لا يحل فيقولون: اللهم اخزهم .. اللهم العنهم" (١).

وذكر ابن الصلاح أن كون الدعاء على الشخص اعتداء مشروط بما "إذا كان قصده بالدعاء على فلان غير صحيح فإن كان صحيحًا بأن كان في قصر عمره مثلًا صلاح للمسلمين لظلمه أو نحو ذلك فليس اعتداء" (٢).

ومن هذا الباب تحجير رحمة الله وتضييقها، وذلك بطلبها لنفسه خاصة ومنعها لغيره من المسلمين، ومن ذلك قول الأعرابي: "اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا"، فقال له النبي : "لقد تحجرت واسعًا" (٣) يريد رحمة الله (٤).

ومثل الدعاء على المؤمنين الدعاء على نفسه وأهله وعلى أمواله فقد نهينا عن ذلك، قال رسول الله : "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم" (٥).

فالذي يدعو على نفسه أو أهله أو ماله فقد اعتدى على حق نفسه ثم إن نفسه ملك الله تعالى فلا يجوز له أن يتعدى فيها ما شرعه الله.


(١) نقله البغوي عن عطية ولعله العوفي: ٢/ ١٦٦، ونقل ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير نحوه كما في روح المعاني: ٨/ ١٤٠.
(٢) فتاوى ابن الصلاح ضمن المجموعة المنيرية: ٤/ ٣٠.
(٣) أخرجه أبو داود: ١/ ٢٦٤ رقم ٣٨٠، والترمذي: ١/ ٢٧٥ رقم ١٤٧، وابن ماجه: ١/ ١٧٦ رقم ٥٢٩، وأصل الحديث مخرج في الصحيحين في قصة بول الأعرابي: البخاري: ١/ ٣٢٢ رقم ٢١٩، ومسلم: ١/ ٢٣٦ رقم ٢٨٤.
(٤) الرد على البكري ص: ٩٤، وانظر عدة الحصن ص: ٤٤، والتحفة ص: ٤٩.
(٥) أخرجه مسلم: ٤/ ٢٣٠٤ رقم ٣٠٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>