للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدخل في هذا أيضًا الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا فإن العبد عليه أن يطمع في رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء وفي عفوه ومغفرته وجوده وفضله فيسأل العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ولهذا كان النبي يكثر من قول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" (١).

وقد وصف الله عباده المؤمنين بأنهم يقولون ذلك عندما يفرغون من أعمال الحج وأن لهم نصيبًا في الدنيا والآخرة بسبب هذا القول: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [البقرة: ٢٠١ - ٢٠٢].

ولهذا لما عاد النبي مريضًا صار كالفرخ من الضعف فسأله: "هل كنت تدعو بشيء؟ " قال: نعم كنت أقول: "اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا" قال رسول الله : "سبحان الله، لا تطيقه!! أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ " (٢).

ويدخل في هذا الدعاء على النفس بالموت لضر نزل به فمن هنا نهي عن الدعاء بالموت وتمنيه فيما رواه أبو هريرة أن رسول الله قال: "لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا" (٣).

ففي الدعاء على النفس بالموت اعتداء على النفس وهي ليست من حق الإنسان بل هي ملك الله تعالى كما أنه اعتداء على الدعاء المشروع الذي هو طلب العافية في الدنيا والآخرة إلى الدعاء غير المشروع.


(١) أخرجه البخاري: ١١/ ١٩١ رقم ٦٣٨٩، ومسلم: ٤/ ٢٠٧٠ رقم ٢٦٩٠.
(٢) أخرجه مسلم: ٤/ ١٠٦٨، وأحمد في المسند: ٣/ ١٠٧، ٢٢٨، وأخرجه هناد بن السري في الزهد من مرسل الحسن البصري: ١/ ٢٥٤ رقم ٤٤١.
(٣) أخرجه مسلم: ٤/ ٢٠٦٥ رقم ٢٦٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>