للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحاصل أن الدعاء المشتمل على سؤال ما هو من خصائص الألوهية كطلب علم الغيب والبقاء في الدنيا أو طلب ما هو من خصائص النبوة كالوحي أو طلب ما يناقض علم الله وشرعه أو خبره يعد مثل هذا من الاعتداء ومن هذا ما يصل إلى الكفر والعياذ بالله، وتعد هذه الأمور من سؤال الرب ما لم يكن يفعله (١).

د - ومن جملة الاعتداء في الدعاء: سوء الأدب في خطاب الله ومناجاته، وذلك بأن يخاطب الداعي "ربه جل ثناؤه بما لو خاطب به كفؤه وقرينه ينسبه إلى قلة الحياء، وسوء الأدب أو ركاكة العقل" (٢).

وهذا الأمر يتصور في أشياء منها:

١ - رفع الصوت بالدعاء رفعًا يخل بالأدب، قال عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، (ت ١٥٠ هـ): "من الاعتداء رفع الصوت، والنداء في الدعاء والصياح" (٣).

وأما الرفع غير المخل بالأدب -إذا كان لقصد التعليم- فجائز كما نقل عن النبي أنه جهر في أدعية وذلك لتعليم أصحابه فيكون له أجران أجر الدعاء وأجر التعليم (٤).

٢ - دعاء الله تعالى بدون تضرع في دعائه تعالى وخطابه، فإن دعاء غير المتضرع يشبه المستغني المدل على ربه، وهذا من أعظم الاعتداء، لمنافاته لدعاء الذليل فمن لم يسأل مسألة مسكين متضرع خائف فهو معتد (٥).


(١) الفتاوى: ١/ ١٣٠.
(٢) المنهاج للحليمي: ١/ ٥٢٢.
(٣) تفسير الطبري: ٨/ ٢٠٧، والبغوي: ٢/ ١٦٦، وهذا اللفظ من البغوي وفي لفظ الطبري ركاكة.
(٤) قواعد الأحكام: ٢/ ١٧٨ - ١٧٩.
(٥) الفتاوى: ١٥/ ٢٣، وبدائع الفوائد: ٣/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>