للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على كون هذا من الاعتداء في الدعاء أن الله تعالى قال أولًا: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ ثم عقبه بقوله: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ فدل هذا على أن عدم التضرع اعتداء في الدعاء كما أن عدم الخفية يعد اعتداء.

٣ - تكثير الكلام الذي لا حاجة إليه، فقد جعله بعض الصحابة من الاعتداء في الدعاء، روى أبو داود وغيره عن ابن سعد بن أبي وقاص قال: سمعني أبي وأنا أقول: "اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها، وبهجتها، وكذا وكذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا، فقال: يا بني إني سمعت رسول الله يقول: "سيكون قوم يعتدون في الدعاء"، فإياك أن تكون منهم، إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر" (١) (٢).

وقد علل بعض العلماء نهي سعد لابنه عن هذا بكونه طلبًا لما لا يليق به من منازل الأنبياء ويمكن أن يكون النهي لعدة علل لأن العلل لا تتزاحم فالشيء الواحد قد تكون له عدة علل.

وقد تقدم نقل ما يفيد ذلك في نهي عبد الله بن مغفل لابنه عن نحو ذلك.

٤ - تكلف (٣) السجع في الدعاء، وتكلف صنعة الكلام له، وفي البخاري عن ابن عباس في وصيته لمولاه عكرمة: "فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب" (٤).


(١) أخرجه أبو داود: ٢/ ١٦١ رقم ١٤٨٠، وأحمد: ١/ ١٧١، ١٨٣، وصححه الألباني في صحيح الجامع: ٣/ ٢١٨ رقم ٣٥٦٥.
(٢) الرد على البكري ص: ٩٤ - ٩٥.
(٣) قد عقد البخاري بابًا فقال: باب ما يكره من السجع من الدعاء: "البخاري مع الفتح: ١١/ ١٣٨".
(٤) البخاري مع الفتح: ١١/ ١٣٨ رقم ٦٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>