للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسجع المذموم في الدعاء هو المتكلف فإنه يذهب بالخشوع والخضوع والإخلاص ويلهي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب، فأما ما حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر لكمال الفصاحة ونحو ذلك أو كان محفوظاً فلا بأس به بل هو حسن (١).

ويدل لذلك ما ورد من الأدعية مسجعاً نحو قوله : "اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع" (٢).

ومن ذلك قوله : "اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، هازم الأحزاب" (٣).

وهذا الذي وقع في الأحاديث الصحيحة من السجع كان يصدر من غير قصد إليه. ولأجل هذا يجيء في غاية الانسجام (٤).

وقد أنكر العلماء الأدعية المسجعة إنكاراً شديداً وبيّنوا كونها من موانع إجابة الدعاء، قال القرطبي بعد أن ذكر أنواع الاعتداء في الدعاء: "ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة فيتخير ألفاظاً مفقرة وكلمات مسجعة، قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها، فيجعلها شعاره ويترك ما دعا به رسول الله وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء" (٥).

والقرطبي رحمه الله تعالى يشير بهذا إلى ما يصطنعه بعض الناس من الأدعية المبتدعة وتكون في الغالب أحزاباً مجزأة على عدد الأيام والشهور


(١) شرح النووي: ١٧/ ٤١، وغذاء الألباب للسفاريني: ١/ ٤٠٩، وشرح الإحياء: ٥/ ٣٨.
(٢) أخرجه مسلم: ٤/ ٢٠٨٨ رقم ٢٧٢٢.
(٣) أخرجه البخاري: ٦/ ١٢٠ رقم ٢٩٦٦، ومسلم: ٣/ ١٣٦٣ رقم ١٧٤٢.
(٤) فتح الباري: ١١/ ١٣٩.
(٥) الجامع لأحكام القرآن: ٧/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>