للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أأذكر حاجتي أم قد كفاني … ثناؤك إن شيمتك الوفاء

ولله المثل الأعلى فالذي يريد دعاءه عليه أن يقدم بين يدي حاجته الثناء وهذا من التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا.

وإذا تأملنا الأدعية الواردة في القرآن والسنة نجد كثيراً منها تبتدئ بالثناء على الله تعالى بجميل أوصافه، فمن ذلك الدعاء الذي حكاه الله عن عباده أولي الألباب في آخر سورة آل عمران فقد بدئ بالثناء على الله بالتنزيه وعدم العبث: ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ … ﴾ [آل عمران: ١٩١ - ١٩٤]، ومن ذلك دعاء الفاتحة الذي هو أفضل دعاء فقد بدئ بالثناء على الله، ومن ذلك دعاء يوسف الذي حكاه الله في آخر سورة يوسف آية ١٠١: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ … ﴾ ودعاء الملائكة: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا … ﴾ [غافر: ٧].

ومن ذلك الدعاء الذي كان النبي يقوله في قيام الليل: "اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض" … إلى أن قال بعد ثناء طويل: "فاغفر لي ما قدمت … " (١).

قال الحافظ في شرحه لهذا الحديث: وفيه استحباب تقديم الثناء على المسألة عند كل مطلوب اقتداء بالنبي (٢).

وأما الصلاة على النبي فهي نوع من أنواع الدعاء إذ الدعاء نوعان:

أحدهما: سؤال العبد حوائجه ومهماته، وهذا إيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.

والثاني: سؤال العبد ربه أن يصلي على خليله وحبيبه ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحب ذلك، فالمصلي عليه قد صرف


(١) البخاري مع الفتح: ٣/ ٣ رقم ١١٢٠.
(٢) الفتح: ٣/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>