للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفة بحاجته وضعفه وعجزه وأن الذي يدعوه عالم بحاله وقادر على قضاء حوائجه.

فإكثار الدعاء الله تعالى والتوجه إليه كل وقت يزيد الإيمان ويقويه وينمي الفطرة ويصقلها ويجليها مما شابها، ويجعل القلب متعلقاً بالله تعالى محباً له راغباً راهباً، ويفتح له هذا باباً عظيماً من لذيذ المناجاة وحلاوة الإيمان وبشاشته وبرد اليقين وراحة البال وطمأنينة النفس: "مما هو أحب إليه من تلك الحاجة التي قصدها أولاً، ولكنه لم يكن يعرف ذلك أولاً حتى يطلبه ويشتاق إليه" (١).

ومما يدل على أن الدعاء يزيد في الإيمان والمعرفة لصفات الرب من القدرة والعلم .. إلخ. كما أنه يزيد في معرفة الإنسان لنفسه بالعجز، أن الداعي لا يُقْدِم على الدعاء إلا إذا عرف من نفسه الحاجة إلى ذلك المطلوب وأنَّه عاجز عن تحصيله.

وعرف أن ربه يسمع الدعاء ويعلم الحاجة وهو قادر على إيصالها إليه، وعرف أن ربه رحيم تقتضي رحمته قضاء تلك الحاجة.

ولا شك أن معرفة العبد نفسه بالعجز والنقص، ومعرفته ربه بالقدرة والعلم والرحمة وسائر صفات الكمال من أعظم المعارف وفي هذا معرفة ذل العبودية، وعز الربوبية (٢).

فهاتان المعرفتان من أهم أساسيات العقيدة، فإن اعتراف العبد بعجزه ونقصه يستوجب له الالتجاء إلى من يقوي عجزه، ويكمل نقصه، ولن يجد أحداً يستطيع ذلك إلا الله تعالى فحينئذ يجد نفسه أنه لا بد له من الالتجاء إلى القوي العزيز وهو عندما يلتجئ لا بد أن يعرف صفات الله تعالى التي من أجلها التجأ إليها من قدرته على قضاء حوائجه،


(١) إغاثة اللهفان: ١/ ٢٩.
(٢) انظر فيض القدير: ٥/ ٣٦٥ - ٣٦٦، وتحفة الذاكرين ص: ٢٨، وروح المعاني: ٨/ ١٣٩، وتفسير الرازي: ١٤/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>