وإذا رجعنا إلى موضوعنا وهو دلالة الدعاء على وجود الله تعالى نجد الله تعالى ذكر ذلك في كتابه الحكيم، فقد ذكر أدلة وجوده وبراهين وحدانيته وحجج تفرده بالربوبية والألوهية، ومن ضمن تلك الحجج إجابة المضطرين وإغاثة الملهوفين وإنقاذ المكروبين.
قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)﴾ [النمل: ٦٢]، وقد ذكر قبل ذلك الآيات الكونية الكبرى من خلق السموات والأرض وإنزال المطر وإنبات الحدائق والأشجار وجعل الأرض مستقرة وخلق الأنهار والجبال والبحار، فهذه آيات كونية كبرى، ثم ذكر أدلة فطرية ضرورية وهي آية إجابة الدعاء.
فقد وصف الله نفسه في هذه الآيات بتفرده بخلق الكون وتصريفه بإنزال المطر وإخراج الثمرات والرزق وتسخير الفلك والأنهار والشمس والقمر والليل والنهار.
فهذه الأمور هي الأدلة الكونية الكبرى ثم قرن بهذه الأدلة الكبرى دليلًا آخر ألا وهو إجابة الدعاء، فدلت هذه المقارنة بالأدلة الكونية على عظمة دلالة إجابة الدعاء فهي من أعظم الأدلة الدالة على وجود الله تعالى، يعرف ذلك من وقع في خطر شديد وكرب عظيم فاستغاث بربه فأجابه وأنقذه مما وقع فيه فيحصل له علم ضروري بوجود الله تعالى.