أن الداعي يريد حصول مطلوبه وغرضه على وجه معين، وفي الغالب الغرض الذي يريده الداعي الأسباب الظاهرة العادية لا تقتضي وجوده مطلقًا، أو على الوجه الذي يريده بل ربما الأسباب الظاهرة تقتضي عدم وجوده أو وجوده على وجه آخر يخالف ما يريده الداعي.
ومع هذه التوقعات والاحتمالات التي على ضد مراد الداعي يقوم الداعي بالتوجه إلى الله تعالى والإقبال على ربه ويستغيث به فيحصل المطلوب وفق غرضه وعلى الوجه الذي يريده، وقد كان قبل ذلك يعد وقوعه شبه المستحيل على الصفة المطلوبة. أترى ما الذي غيَّر الأسباب الظاهرة عن مجراها وعاداتها إلى ما يريده الداعي؟ مثال ذلك ما يقع للمسلمين في الاستسقاء حيث يجدون تأخر المطر وليس هناك سبب يقتضيه من غيم أو ريح أو تغير طقس، ومع ذلك يخرجون إلى الفلاة متضرعين مبتهلين خاشعين فيصلون صلاة الاستسقاء فيدعون الله تعالى، فيغيثهم الله في اليوم نفسه أو قريبًا منه.
وهذا أمر مشاهد واقع إلى الآن في بلاد المسلمين لاسيما في البلاد المتمسكة بدينها، وقد وردت الأحاديث الصحاح بأن النبي ﷺ يدخل عليه رجل وهو يخطب فيطلب منه الدعاء بالسقيا فما ينزل عن المنبر حتى يجيش المسجد وقد كان قبل الدعاء لا يرى في المدينة سحابة ولا قزعة.
فمن الذي حرك السحاب والرياح وأتى بالمطر في لحظات معدودة؟؟
كل ذلك دليل قاطع على وجود الله تعالى وتفرده بالربوبية والألوهية وأنه متصف بصفات الجلال والجمال من السمع والعلم والرحمة والكرم والجود والقدرة وغير ذلك.
قال بعضهم في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ١٨٦]: الآية تدل على أنه إنما يعرف بحدوث تلك الأشياء على وفق غرض الداعي، فدل على أنه لولا مدبر لهذا العالم