للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه يحصل عند وجود هذا السبب فإذا لم يحصل السبب امتنع المسبب (١).

٢ - لو سلمنا جدلًا أن الدعاء لا تأثير له في المطلوب لا نسلم أنه لا فائدة فيه بل فيه فوائد أخر غير حصول المطلوب من تحصيل مصلحة أخرى عاجلة وآجلة ودفع مضرة أخرى عاجلة وآجلة كما نبه على ذلك النبي بقوله: "ما من مؤمن ينصب وجهه لله ﷿ يسأله مسألة إلا أعطاه إياها إما عجلها له في الدنيا وإما ادخرها له في الآخرة ما لم يعجل … " (٢).

ولو لم يكن في الدعاء من الفوائد إلا معرفة الداعي بربه وإقراره به وبأنه سميع قريب قدير عليم رحيم، وإقراره بفقره إليه واضطراره إليه، وما يتبع من العلوم العلية والأحوال الزكية التي هي من أعظم المطالب، لكفى ذلك في فوائد الدعاء فكيف وفيه فوائد أخرى من تحقيق المطلوب ودفع المكروه؟ ومن فوائده التي هي أهم من مطلوب العبد أنه يستدعي حضور القلب مع الله وهو منتهى العبادات والغالب على الخلق أنهم لا تنصرف قلوبهم إلى ذكر الله ﷿ إلا عند إلمام حاجة وإرهاق ملمة فإن الإنسان إذا مسه الشر فذو دعاء عريض، فالحاجة تحوج إلى الدعاء، والدعاء يرد القلب إلى الله ﷿ بالتضرع والاستكانة فيحصل به الذكر الذي هو أشرف العبادات، ومن تلك الفوائد أنه يعطي سكينة في نفسه، وانشراحًا في صدره وصبرًا يسهل معه احتمال ثقل الواردات عليه، وعلى كل حال فلا يعدم فائدة دعائه (٣).


(١) انظر في هذا الجواب: مدارج السالكين: ٢/ ١١٩، وزاد المعاد: ٣/ ٤٨١ و ٤/ ١٦، والجواب الكافي: ١٥، وشرح الطحاوية: ٤٦٠، والفتاوى: ٨/ ١٣٩، وفيض القدير: ٢/ ٥٤١.
(٢) تقدم تخريجه ص: ٢٢٨.
(٣) شأن الدعاء: ١٣، وإحياء علوم الدين: ١/ ٣٩٠، وشرح الطحاوية: ٤٦١، وتفسير الرازي: ١٤/ ١٣٥، والأزهية ص: ٣٥ - ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>