للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاصل هذين الوجهين السابقين هو أن هناك خللًا في الحصر في المقدمتين إذ هناك مقدمة ثالثة.

كما أن هناك خللًا في المقدمة الثانية لأنه لا يلزم من عدم تأثير الدعاء في المطلوب عدم فائدته مطلقًا.

الثاني (١): قد أجاب النبي عن هذه الشبهة عندما سئل عنها لما قال: "ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة أو النار، قالوا: أو لا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ فقال: لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاء فسييسر إلى عمل أهل الشقاء" وهذا الحديث قد ثبت عن النبي في الصحيح من عدة طرق (٢).

فتبين بهذا أن ما سبق به الكتاب سبق بالأسباب التي تفضي إليه، فالسعادة سبقت بأن صاحبها يستعمل فيما يصير به سعيدًا، والشقاوة سبقت بأن صاحبها يستعمل فيما يصير به شقيًا، فالقدر يتضمن الغاية وسببها، لم يتضمن غاية بلا سبب، كما تضمن أن هذا يولد له بأن يتزوج ويطأ المرأة، وهذا ينبت أرضه بأن يزرع ويسقي الزرع، وأمثال ذلك.

ويقوي هذا أيضًا ما روي أنه قيل للنبي : يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقيها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئًا؟ فقال: هي من قدر الله (٣).


(١) انظر الجواب هذا في منهاج السنّة: ٥/ ٣٦٢.
(٢) أخرجه البخاري من حديث علي بن أبي طالب: ١١/ ٤٩٤ رقم ٦٦٠٥، ومسلم: ٤/ ٢٠٣٩ رقم ٢٦٤٧، وله شاهد من حديث عمران بن الحصين أخرجه البخاري: ١١/ ٤٩١ رقم ٦٥٩٦، ومسلم: ٤/ ٢٠٤١ رقم ٢٦٤٩، ومن حديث جابر أخرجه مسلم القدر: ٤/ ٢٠٤٠ رقم ٢٦٤٨.
(٣) أخرجه الترمذي: ٤/ ٣٩٩ رقم ٣٠٦٥، وابن ماجه: ٢/ ١١٣٧ رقم ٣٤٣٧، وأحمد في المسند: ٣/ ٤٢١ وكلهم من طريق الزهري عن أبي خزامة عن أبيه وقد اختلف فيه كما في الإصابة: ٧/ ١٠٦ هل هو تابعي أم صحابي والراجح أنه صحابي، وأخرجه الحاكم من طريق الزهري أيضًا فجعله من مسند حكيم بن حزام =

<<  <  ج: ص:  >  >>