للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبيّن أنه يرد قدر الله بقدر الله إما دفعًا لما انعقد سببه ولَّما يقع، وإما رفعًا لما وجد، وأن الأسباب التي تدفع بها المكاره هي من قدر الله ليس القدر مجرد دفع المكروه بلا سبب (١).

ولم يخرج شيء في الوجود عن قدر الله، وإنما يرد القدر بالقدر وهذا كرد قدر الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، وكرد قدر العدو بالجهاد، والكل من قدر الله: الدافع، والمدفوع، والدفع (٢).

الثالث (٣): أن العبد لا يدري ماذا قدر الله له، فإنه لا يدري هل الله علق نيل مرغوبه والوصول إلى محبوبه، أو علق دفع المضار عنه، ورفع البلايا والمَصائب، علق هذه الأمور على دعائه والابتهال إليه، أم لا؟.

فما دام لا يعرف ذلك فما عليه إلا الاجتهاد وبذل المستطاع في رجاء رحمة الله واستجلاب الخير واستدفاع الشر بما جعله الله سببًا لذلك.

ومبنى العبادات والطاعات على الخوف والرجاء "دون اليقين الذي يقع معه طمأنينة النفس فيفضي بصاحبه إلى ترك العمل والإخلاد إلى دعة العطلة".

والله "قد لطف بعباده فعلل طباعهم البشرية بوضع هذه الأسباب ليأنسوا بها فيخفف عنهم ثقل الامتحان الذي تعبدهم به، وليتصرفوا بذلك بين الرجاء والخوف، وليستخرج منهم وظيفتي الشكر والصبر في طوري السراء والضراء والشدة والرخاء، ومن وراء ذلك علم الله تعالى فيهم".


= وذكر الاختلاف فيه على الزهري وصححه ووافقه الذهبي: المستدرك: ١/ ٣٢.
(١) جامع الرسائل: ١/ ٩٤، ومنهاج السنة: ٣/ ٢٣٢.
(٢) زاد المعاد: ٤/ ١٦، ومدارج السالكين: ١/ ٢٠٠، والفتح: ١١/ ١٤٩.
(٣) انظر هذا الوجه في شأن الدعاء للخطابي: ٩ - ١٢، والمنهاج في شعب الإيمان للحليمي: ١/ ٥٤٠ - ٥٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>